طرح محمد منير أغنية منفردة جديدة بعنوان "بين البينين"، وهي رابع أعماله مع شركة روتانا منذ بداية صيف 2025. كتبت منة عدلي القيعي كلمات الأغنية، ولحنها عزيز الشافعي، ووزّعها أسامة الهندي.
تعكس "بين البينين" حالة التيه والحيرة التي يعيشها الإنسان في صراع داخلي بين العقل والرغبة، وبين الأفكار والهواجس المتناقضة، فتجعله يعلق في المنطقة الرمادية حيث تختلط المشاعر والتوجهات، فلا ينتمي بالكامل لليقين ولا يستسلم مطلقًا للفوضى. يجسد هذا الطرح استمرار مسار محمد منير الفني الذي اعتاد الانحياز للمواضيع مهمشة وإعطاء صوت لحالات وجدانية قلّما تلتفت إليها الأغنية التجارية السائدة.
حكم أولي
أكدت أغنية "بين البينين" أن محمد منير ما زال وفيًّا لرسالته الفنية، رافضًا الاستسهال ومتمسكًا بطرح قضايا تمس الوعي الجمعي. مزجت كلمات الأغنية بين البساطة والعمق، مستخدمة لغة عامية يومية تحمل أبعادًا فلسفية تعكس القلق والبحث المستمر عن الذات.
تتجلى الإجابات الفضفاضة في المنطقة الرمادية "بين البينين"، بين الأبيض والأسود، الجهل واليقين، والعالم المادي والروحي. كرّست عبارة "أنا كده بين البينين" الإحساس بأن الحيرة ليست حالة فردية، بل تجربة وجودية يشترك فيها جيل كامل.
بدأت الأغنية بصوت محمد منير يرافقه موسيقى خافتة، لتتيح للمستمع التأمل بالفكرة التي صاغتها منة عدلي القيعي بلغة بسيطة تعتمد على التكرار لتكوين المعنى. تكررت عبارة "أنا كده بين البينين" لترسّخ الإحساس بالحيرة، إحساس يكاد يتجاوز حدود الفرد ويتحول إلى تجربة وجودية عامة.
تغيّر مزاج الأغنية كليًا مع الكوبليه الثاني عندما غنى منير: "بالرقص أنا إيدي على الطبلة"، فقاد النص التوزيع الموسيقي إلى تحول كامل. دخلت الطبلة الشرقية لتقود الإيقاع، وفتحت المجال لتصعيد موسيقي راقص يمنح الفكرة الفلسفية نبضها، ليبدو الإيقاع كأنه رقص على حافة التناقض بين الاندفاع والانكسار.
عزّز التحول الحاد في الإيقاع بإدخال نغمات ذات طابع تسعيناتي، استدعت بذور النوستالجيا وأعادت إلى الذاكرة بعض أغاني محمد منير القديمة المرتبطة بجيل كامل. جمعت الأغنية بذلك بين حداثة الفكرة و دفء الذكريات، فخلقت جسراً مزدوجًا نحو الحاضر المليء بالارتباك، ونحو الماضي الذي يطل كملاذ عاطفي.