أطلقت حنين الشاطر أول ألبوماتها الغنائية "بياع كلام" على جزأين خلال الشهرين الماضيين، في تجربة أولى تحمل نضجًا مفاجئًا بالنسبة لفنانة صاعدة في بداياتها. جاء الجزء الأول في يوليو، وضم خمس أغنيات، تعاونت خلالها مع عدد من صناع الموسيقى من بينهم مؤمن عمارة وأحمد جابر ومحمد الجمال.
الجزء الأول: حكايات حب حيوية
تدور أغنيات هذا الجزء في فلك العلاقات العاطفية وتتنقل كقصص متسلسلة المراحل، برؤيو موسيقية حيوية ودافئة. في "صحاب" تبدأ الحكاية من صداقة تتحول لحب، ثم تنتقل إلى "تكة تكة" التي تحتفي بنشوة البدايات ومشاعرها العذبة. أما "يا أبو عين زايغة" فتتخذ من إيقاع المقسوم وسيلة لعتاب خفيف وساخر على الحبيب المتلصص على غيرها.
في "قالي قبلك" نسمع صوت الراوية وهي تدرك أنها وقعت ضحية خداع رجل "بياع كلام" يخدع بالكلمات ذاتها فتاة جديدة، وتلوم نفسها على سذاجتها ولكن بروح مرحة مليئة بالدلع قبل أن تُنهي هذه السلسلة بـ"لا لا لا لا" الأغنية التي تمثل لحظة الاستفاقة وقطع الطريق على تكرار التجربة، فتقول بصوت واثق: "لالالالا ده حالته صعبة يا حول الله / في دماغه حلم لازم ينساه / أسلوبه متدني ومكشوف".
صوت حنين في هذا الجزء بدا دافئًا ومتوازنًا، وقدّمت أداء يناسب تمامًا طبيعة هذه الأغنيات بخفة ظل تُذكر بموهبتها التي برزت منذ أول ظهور لها في سن صغير في برنامج المواهب إكس فاكتور.
الجزء الثاني: دراما أوجاع وتجارب ناضجة
في أغسطس أصدرت حنين الجزء الثاني من الألبوم، والذي جاء أكثر سوداوية ودرامية وضم أربع أغنيات، تنوعت تعاوناتها هذه المرة بين أسماء لافتة في عالم الكلمات مثل فلبينو و عليم ومحمود سليم، وعلى صعيد الألحان تعاونت مع تيام علي و مصطفى العسال وسام محمد.
ضم هذا الجزء أغنية "حلوا عني" التي تقترب من اللون الشعبي وهي من كلمات مصطفى حسن ومصطفى العسال، التي سبق أن أطلقتها باسم "المستشفى" قبل أن تحذفها وتضمها للألبوم لاحقًا. تعبر الأغنية عن شعور الفيض والانفجار بعد التعرض للخذلان والاستغلال، حيث تقول حنين كلمات لاذعة تصف من حولها بالنذالة، في تجربة غنائية مغايرة لطبيعتها الرومانسية الرقيقة، لكنها أثبتت فيها قدرتها على تطويع صوتها لتخدم المعنى والرسالة.
تواصل الدراما في "يا أناني" حيث تحكي جراح علاقة سامة مع شخص مؤذي تركها تعاني. ثم تأتي أغنية "تهد المعبد" لتكشف عن وجه مختلف من موهبة حنين، حيث تغوص في منطقة غنائية أكثر حزنًا وعمقًا. الأغنية من كلمات فلبينو الذي اعتاد الجمهور على كلماته الراقصة والخفيفة - من بينها "تاني" لأحمد سعد وروبي- لكنه يفاجئنا هنا بنص درامي مليء بالخذلان والمرارة. وفي المقابل جاء أداء حنين مشبعًا بالانكسار بصوت يلامس البكاء، ويتناسب مع التوزيعات الحادة الموضوعة للحن.
حكم أولي
رغم أن إصدار "بياع كلام" تزامن مع زخم موسيقي كبير هذا الصيف، وصدور ألبومات لنجوم كبار، الأمر الذي لربما أثر على تسليط الضوء على عملها، إلا أن التجربة ككل متكاملة ولا يمكن تجاهلها. استعرضت حنين في هذا الألبوم شخصية ناضجة فنيًا، وقدّمت نفسها كصوت جديد يملك أدوات فنية واعدة، خاصة بعد نجاحها اللافت العام الماضي في الأغنية المنفردة التي تحولت إلى هيب "أعظم إنجازاتي".
قد لا يكون الألبوم قد حصل على الزخم الإعلامي المستحق فور صدوره، لكنه يظل عملًا صادقًا متنوعًا، ويكشف عن فنانة تعرف كيف تحكي مشاعرها بصوت دافئ وأداء حساس، يستحق المزيد من التقدير والاهتمام.