إن قمت بالبحث عن أغنية رياح الحياة على اليوتيوب، ستجد العديد من النسخ المصنوعة بالذكاء الإصطناعي لكبار نجوم البوب المصري، يؤدون الأغنية التي أصدرها حمزة نمرة في آب/ أغسطس الماضي ضمن ألبومه رايق الذي ضمَّ تأثيرات من جنرات مختلفة من البوب والشعبي والمهرجان. صنع مستمعون هذه النسخ والفيديوهات للأغنية من باب خلق تجربة استماع بأصوات وطبقات مختلفة للأغنية التي يبدو أنها الأكثر تفضيلًا في الألبوم، بحسب أرقام الاستماع التي حققتها على منصات الاستماع المختلفة، وظهورها وحفاظها على مرتبة متقدّمة على قائمة بيلبورد عربية هوت 100.
اختار حمزة نمرة للأغنية ألحان بوب تقليدية، مزجت سترينجات الجيتار مع بيت بسيط هادىء على امتداد الأغنية، بعد أن دخل الأغنية مباشرةً وبلا مقدمات للإرهاق النفسي من مصاعب الحياة الذي يعبر عنه. في مقابل ذلك، تأتي الكلمات التي كتبها محمود فاروق قريبة من ثيمات المهرجانات، كغدر الدنيا، وعدم وجود مقربين يساندوه في الصعاب، والعيش في الماضي ومراجعته باستمرار، ومحاولات النهوض مجددًا بالتركيز على القادم. تحوي الأغنية العديد من الألعاب اللغوية، كالتبديل بين الأبيات المقفاة والأبيات الموزونة، في تتابع واحد، فيعبّر مثلًا عن توهانه وعدم أهمية ما قضاه في حياته بما يكفي لتعريفه، في تتابع جذاب: "فرحت مالساعات ساعات/ دقت مالحاجات حاجات/ وعشت مالسنين سنين"، ثم يستدرك واعيًا لأول مرة: "ونابني من اللي فات فتات"، لأنه لا يتذكر إلا خسارته. كما تستلهم صياغاته من اللغة الشعبية: "وزي عادتي أصوم أصوم، وأسد جوعي ذكريات"، المقاربة للمثل الشعبي أصوم أصوم وأفطر على بصلة.
يمكن أن نستنتج إذًا الأسباب التي جعلت رياح الحياة بالذات تحقق هذا الانتشار الكبير، مع أسلوبها في المزاوجة بين مواضيع الندم والحسرة بتعابير قريبة من لغة الشارع والأغنيات الشعبية، مع الحفاظ على توزيعات البوب الحيادية والبسيطة بقيادة الجيتار الأكاوستيك، التي تقربه من شرائح أوسع من الجمهور.