في حي عابدين بوسط القاهرة وُلِد خالد صلاح الدين، لقبته والدته بـ"ريكو" تيمنًا بإحد شخصيات فيلم "البحث عن فضيحة"، فارتبط به الإسم ورافقه طوال رحلته.
أحب الموسيقى على صوت أحمد عدوية، فقلده وردد أغانيه في مراهقته، ولأنه كان عازمًا على دخول الفن بأي وسيلة شق طريقه كعازف طبلة في أحد الفرق الشعبية، ثم درس في معهد الموسيقى ليصقل موهبته كملحن وعازف.
من الطبلة إلى فيلم "الساحر"
أول محطاته المؤثرة كانت مع المونولوجست عادل الفار، حيث تحوّل من مجرد عازف إلى ملحن لمعظم سكيتشاته وألبوماته. بعدها انضم إلى فرقة محمد منير لعامين، ثم أسس فرقة خاصة مع ميكا نجل المنتج هاني ثابت. تلك الخطوة فتحت له باب التلحين الاحترافي حين استعانت به "سونار" لتلحين ألبوم كامل لنتاشا أطلس، لكن القدر كان يخبيء له مفاجأة أكبر.
كان ريكو وميكا يغنيان في أحد أماكن السهر، وهناك شاهدهما المخرج رضوان الكاشف وهما يغنيان بأغنية "عادي في المعادي" فطلب منهما تقديمها في فيلم "الساحر" بطولة النجم الكبير محمود عبد العزيز، بل ورشح ميكا لتجسيد دور مهم في الفيلم، وعند عرضه كانت الأغنية سببًا في نجاحه جماهيريًا وتحولت إلى ظاهرة موسيقية.
"شبرا" شفرة النجاح الشعبي
طرق الحظ أبواب "ريكو"، عندما قدم أغنيته الثانية "شبرا" والتي استثمر من خلالها نجاح "عادي في المعادي" وقدمها بنفس منطق تحية أحياء القاهرة الشعبية، وذاع صيت الأغنية وأصبحت الأشهر في أماكن السهر.
هذا النجاح السريع شجع شركة تدعى "ok" على إنتاج ألبومه الأول بعنوان "وهكذا" عام 2002.
المفاجأة أن الألبوم ضم أسماء كبيرة وهامة في الصناعة، حيث كتب كلمات كل أغانيه الشاعر الكبير بهاء الدين محمد، ووزعه حميد الشاعري، وتقاسم ألحانه حسن أبو السعود وأشرف سالم.
بدا ريكو كنغمة جديدة في الأغنية الشعبية المصرية، خامة صوت خشنة ومُحترفة في أداء الحليات الشعبية، تُشبه إلى حد كبير صوت أحمد عدوية وحسن الأسمر، مع شخصية خفيفة ومبهجة تقدم أغاني تخبيء نقدًا اجتماعيًا لاذعًا أقرب للمونولج مثل "طهقان"التي نجحت نجاحًا مدويًا، أو أغنية "الدولار" التي تحمل بعدًا سياسيًا واقتصاديًا ساخرًا.
مكالمة الحظ من "الزعيم"
إلا أن ساعة الحظ الأهم في مسيرة ريكو دقت عندما استدعاه الزعيم عادل إمام ليقدم دورًا صغيرًا أمامه في فيلم "عريس من جهة أمنية". مشهد لم يتجاوز الدقيقتين كان سببًا في دخول ريكو لعالم السينما من أوسع أبوابها، ليبقدم بعدها 16 فيلمًا أبرزها "صايع بحر" مع أحمد حلمي، و"حاحا وتفاحة" مع ياسمين عبد العزيز وطلعت زكريا وقدم خلاله أغنية "أنابيب" التي تعد من أشهر أغانيه.
تحمس المنتجون لاستقطاب ريكو في أفلامهم سواء كممثل أو ليقدم أغاني الأفلام، فغنى أغنية "بنات وسط البلد" في فيلم حمل نفس الإسم لمنة شلبي وهند صبري، ثم شارك في مجموعة من الأفلام الكوميدية الشعبية كممثل أبرزها "عليا الطرب بالتلاتة" و"الفرقة 16 اجرام" و "رامي الاعتصامي".
غرق ريكو في بحر التمثيل، واكتفى بالغناء في الحفلات والأفراح مستغلًا نجاح أغانيه في الأفلام والمسرحيات وبعض المسلسلات. ولكن عامًا بعد الآخر تغيرت ذائقة جمهور الأغنية الشعبية، وظهرت أصوات جديدة احتلت الساحة مثل سعد الصغير ومحمود الليثي وأحمد شيبة، ثم جاءت عاصفة المهرجانات لتغير مفهوم الأغنية الشعبية وتستبدلها بالمهرجان المدفوع بقوة جيل زد.
البراءة لا تكفي أحيانًا!
مرت مسيرة ريكو بمنعطف خطير عام 2015 بعد تورطه في قضية مخدرات، ورغم ثبوت براءته وخروجه من السجن بعد فترة قصيرة، إلا أنه ابتعد عن الساحة، وقل الطلب عليه في الحفلات بعد انتشار الشائعات حوله. منها ما أكد بقائه في السجن، ومنها ما ادعى أنه هاجر إلى أوروبا.
عاد ريكو للظهور مجددًا كضيف شرف في بعض المسلسلات "المغمورة" التي لم تنل أي شهرة. ثم قرر دخول عالم السوشيال ميديا عبر منصة "تيك توك". ظهر ريكو في فيديوهات بث مباشر يغني خلالها أغانيه ويحكي خلالها مشاهد من مسيرته الفنية.
منذ سنوات قليلة انتقل ريكو للإقامة في دبي، حيث يحيي حفلات في بعض المطاعم هناك، مكتفيًا بنجاحاته القديمة، ومخاطبة الجمهور عبر "تيك توك"، ليكتب الفصول الأخيرة في رحلة فنان شعبي امتلك مسيرة لامعة في وقت قصير، ولكنها لم تصمد أمام تقلبات الزمن.






