لم يسرقه التمثيل تمامًا.. 5 أغنيات تحمل بصمة مدحت صالح في السينما والتلفزيون

قبل أن يصنع الفنان مدحت صالح هيتات تعلق بها الجمهور المصري والعربي، وربما لا يزال يتذكرها حتى اليوم، مثل "المليونيرات" و"كوكب تاني و"مجنونة بيا"، رجوعًا حتى إلى أول أغنياته "ياسين وبهية" التي كانت بمثابة طلقة رصاص من مطرب صاعد. يظل أول الأشياء التي يذكرها جمهوره مع كل حديث هو اللوم الكبير على قلة إنتاجه الفني.  

بشكل عام، صعب فهم اللوم الذي يظهر على وجوه محبي الفنان مدحت صالح بخصوص قلّة ألبوماته وأغانيه، دون معرفة سريعة لتاريخه الفني، الذي بدأ عندما كان طفلًا صغيرًا، أي أن الرجل الذي ولد في 1960، يملك اليوم عدد قليل من الألبومات مقارنة بتاريخه الفني، حتى لو كانت تزيد قليلًا عن العشرين ألبوم، إلى جانب عشرات من تترات أغاني المسلسلات والأفلام المصرية الأيقونية.  

مدحت صالح كان الأمل في إعادة إحياء الروح التي فقدها الغناء مع رحيل عبد الحليم حافظ. ظهر بعد سنوات قليلة من موت العندليب، بعد ما اكتشفه الملحن محمد سلطان زوج المطربة فايزة أحمد، وكان يطمح أن يسد به هذا الفراغ، لكنه كان مهووس تمامًا بالوقوف أمام الكاميرا. 

رغم النجاح الغنائي الكبير والمبشّر، التفت مدحت صالح للمسرح والتمثيل أكثر من الغناء، الأمر الذي قلّل مبيعاته وتركيزه في صناعة أعمال غنائية تناسب حجم موهبته والرهان عليها. لاحقًا سيدرك ذلك، لكنه على مدار مشواره لم يتخل أبدًا عن عمله كممثل بشكل سرق منه فرص أكبر في الغناء. بيلبورد عربية تحتفي بذكرى ميلاده بمشاركة 5 أغنيات حملت بصمته في السينما والتلفزيون.  

جاءت الأغنية من ألحان الموسيقار عمر خيرت، الذي رسم لوحة زاهية الألوان تمثّل ثقافات مصر المتنوعة بشكلٍ متناغم. أتت الموسيقى النوبية ممزوجة بإيقاعات إلكترونية معاصرة مع صوت الكورال، يتبعهم أوركسترا تمهّد لصوت الفنان مدحت صالح، الذي اتنقل بحرفة بين نوعي الموسيقى مغنيًا كلمات نصفها مبهج غير متكلف مثل "زي ما هي حبها/ بحلوها بمرها"، والآخر واعظ وجاد مثل: "لا هتاخد إيه ولا كام وليه/ دا العشق لو من القلب طالع/ العمر حتى نضحي بيه/ ونغني للفجر اللي راجع".

عبر كلمات مدحت العدل المتفائلة وألحان خالد حماد الحالمة، صوَّر مدحت صالح وميرنا وليد محادثة رومانسية بين شخصيات أحمد السقا ونور في الفيلم. يغني مدحت صالح "تعالي نحلم سوا/ الله على الأحلام/ ده الحب زي الهوا/ اسكن عنيا ونام" لترد ميرنا وليد "أتحدى بيك الكون/ قلبي في هواك مجنون/ أعشق وحب وكون/ روحي وقدري أنا."

اليوم بعد مرور سنوات طويلة على العمل، يصعب تمامًا تذكّر الفيلم دون الأغنية التي باتت بصمة خالدة، وأيقونة شاعرية لدى المحبين.

إلى جانب أداءه المميز كممثل في المسلسل، غنّى مدحت صالح مجموعة أغانٍ لا تنسى. ربما كان أكثرها تأثيرًا أغنية بنتي من كلمات سلطان صلاح وألحان خالد عز التي عبر فيها مدحت صالح عن مشاعر كل أب يوم زفاف ابنته، مازجًا الفرحة بحزن الفراق.

لم يخذل مدحت صالح ما كتبه الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم ولحّنه الموسيقار ياسر عبد الرحمن في أغنية حقك على عيني. طوع صوته الطربي القوي والآلات الوترية لغناء قصة صراع الأجيال الأبدية بين الآباء والأبناء، حيث يلوم الابن والده على تعليمه الأخلاق والقيم الطيبة بدلًا من إعداده لمواجهة وحشية الدنيا "نازل وأنا ماشى/ عالشوك برجليا/ وأنت السبب يابا/ يالى خليت بيا".

كان الهدف من الأغنية عكس لحظة تغلّبت فيها الشخصية التي يقدمها الفنان عادل إمام على حدود جسده الضرير. جسدت كلمات مجدي كامل الصور المرئية بشكل ملموس مثل "أحضن خيوط شمس الغروب" و "المس خضار الشجر"، والتي ترافقت مع الموسيقى الملحمية لخالد حماد.

حملت الأغنية رسالة واضحة أن الطريقة الوحيدة للخروج من الخوف والوحدة هي اتباع سبيل الشجاعة المضيء بدون حلول وسط، أو كما يغرّد مدحت صالح: فيه ناس كتير تِرضى المصير/ وناس تشوف بِضمير ضَرير/ يا تكون قد الحياة/ يا تعيش وحيد وسط الدروب. 

كل هذه الأعمال وأكثر، جعلته المطرب الذي يجمع بين الموهبة التي وجدها تلقائيًا في صوته، والهوس الذي لازمه طوال حياته بالعمل في السينما والتلفزيون. ويجعل الجميع يتمنى من أن يغنّي أكثر حتى لو كان من أجل السينما والتلفزيون.