صدرت بسرح وأتوه في أيلول/ سبتمبر عام ٢٠٢٢ ضمن ألبوم روما، وترافقت بعمل فني جرافيكي بسيط، نتأمله بينما يسطر الفريق الرتم الثابت للبايس/ درامز، مع سترينجات الجيتار الكهربائي في تتابع رتمي متكرر يؤكد على المود العام للأغنية. أما الخط السردي للكلمات فيتخذ شكل محطات، رغم ثبات الراوي في مكانه "أشخاص أماكن كل شيء/ حاجات توديني لحاجات". يربط كاتب الأغنية محمد شافعي، بين تلك الرحلة الذهنية، وإغماض عينه للاستغراق، فهو المتحكم في الذكريات، ويتركها لتذهب مع أمل داخلي أن تعود إليه، لكن هذه العملية ليست انغماسًا دون وعي، فهو يدرك لأنه لا وجود لإجابة منطقية أو نتيجة لهذا الهروب، لكنها حالة أشبه بالعشق للصور الخاصة بالماضي: "أنا عمري كام علشان تكونلي
الذكرى أسلوب حياة؟"
بإلقاء نظرة سريعة على قسم التعليقات نجد أن أكثر الجمل التي خلقت رابطة مع المستمع هي: "ده أنا كنت عيل من يومين، ودخلت أنام/ صحيت لقيت العمر عدا، مخدنيش معاه". يظهر هذا التعبير مسقطًا على سرعة وقسوة الحياة الحديثة، والتي يتحرك فيها الزمن بوتيرة أسرع، يصعب على الراوي المنكمش في ذاته استيعابها والتعامل معها، فيعتب على ذلك العمر بأنه لم يلحقه معه في قطاره. بينما يبقى متشبثًا في آخر مقاطع الأغنية بذكرى الطفولة، الفترة الأعمق والأبطأ في حياة أي شخص، والأغنى بالتفاصيل ووحدة المكان ورتمية الأحداث وبساطة الحياة: "وسنة فسنة أنا ببقى أنا/ عيل بيهوى الدندنة/ أحلامه سهلة وممكنة".
ما بين صدور ألبوم روما الغارق بالحنين عبر كلماته والرموز الفنية التي اختار أن يستعيدها ويذكرها مثل جوني كاش وجيمس دين، ثم مشاركة أمير عيد وتامر هاشم في مسلسل ريفو بجزئيه، والذي يسرد قصة فرقة متخيلة من التسعينيات في مصر، والذي استعاد تلك الحقبة بكل مظاهر الحياة الشبابية فيها من ملابس وحفلات وموسيقى. أظهرت هذه التجارب من الفترة الماضية فرقة كايروكي وأمير عيد على وجه التحديد كسفراء للنوستالجيا، التي يبدو أنهم وجدوا عبرها رابطًا خاصًا يجمع تجربتهم بتجربة جمهورهم من أبناء جيل الثمانينيات والتسعينيات.