بعد أن قدّمت هيفاء وهبي أغنية "توأم روحي" كتمهيد لألبومها الجديد "ميجا هيفا"، لتعود وتفتتح الجزء الأول من المشروع بأغنية "جاية من المستقبل". وقد أعلنت أن الألبوم سيُطرح بخطة استراتيجية على مختلف المنصات وعلى أربع مراحل، وتشكّل هذه الأغنية افتتاحيته الرسمية.
يُعد هذا الألبوم أول إصدار كامل لها بعد ألبومها الأخير "حوا" في 2018، تبعه فترة ركّزت خلالها هيفاء على التمثيل في السينما والمسلسلات الرمضانية، إلى جانب تقديم عدد من الأغاني الفردية مثل "ولد" و"وصلتلها"، التي ساعدت في الحفاظ على حضورها الموسيقي وعلى قوائم الاستماع المختلفة، وسمح لها بالحفاظ على مراتب متقدمة على قائمة بيلبورد عربية 100 فنان.
وإذا كان الإصدار الأول من الألبوم "توأم حياتي" قد حمل اللهجة اللبنانية وكلمات رومانسية عن الغيرة والحب من كلمات أسامة مصطفى، وخرج عن المألوف بإصداراتها السابقة التي كانت أكثر حدة وتنتمي إلى ثيمة الانفصال والتخطي في العلاقات، جاءت أغنية "جاية من المستقبل" لتعود إلى نفس الخط السردي الدرامي، مع لمسة جديدة.
الهوية البصرية والكليب
تعتمد الأغنية على فكرة البطلة القادمة من المستقبل لتحذير الحبيب من ضياع العلاقة، وتحمل كلماتها قوة درامية، متنقلة بين التهديد والسخرية والتحذير، ما يجعلها أشبه برسالة زمنية. تجمع بين النص الذكي والجرأة الموسيقية، في إطار امتداد طبيعي لمسيرة هيفاء وهبي التي تواصل النجاح منذ أكثر من عشرين عامًا.
لم يعتمد الكليب من إخراج يانا كيشكو على مؤثرات مستقبلية حرفيًا كما يقترح عنوان الأغنية، بل عكس رحلة امرأة تصارع نفسها، حيث تنوّعت الأزياء وأظهر التصوير جمال هيفاء وأناقتها، مع تقديم شخصية قوية متحكمة في المشهد. برهنت هيفاء في هذا الكليب مجددًا على قدرتها على المزج بين الغناء والاستعراض، والصورة والأزياء والموضة، لتبني هوية بصرية متجددة ومتواصلة منذ بداياتها.
فمن كليب "أقول أهواك تتكابر" عام 2002 مرورًا بـ"توتة" وصولًا إلى "وصلتلها"، دائمًا ما حافظت هيفاء على نمط بصري ثابت في أعمالها، جعل كل إصدار جديد امتداد طبيعي لمسيرتها، يشمل الصورة والأناقة والحضور التمثيلي أو الاستعراضي.
حكم أولي
كلمات وألحان عزيز الشافعي لاءمت صوت هيفاء وأسلوبها، وتقدم الأغنية بطريقة مختلفة وجريئة من دون أن تكون تقليدية. بينما مال أداء هيفاء إلى الحزم والحدة أكثر من العاطفة، حيث تدعم نبرة صوتها شخصية البطلة الواثقة، وتعطي الجمل القاسية مثل "منفوش على الفاضي يا ديك" وقعًا ساخرًا يرسّح الأغنية في الذاكرة مباشرةً.
جاءت بصمة توما واضحة في التوزيع الموسيقي، الذي يمزج بين الإيقاعات الإلكترونية الحديثة والنغمات العصرية دون أن يطغى على الكلمات. عزز التكرار المدروس لبعض الجمل الإيقاعية عنصر التهكم ويجعل الأغنية قابلة للترديد، ما يسهل انتشارها بين الجمهور.
تشد "جاية من المستقبل" الانتباه منذ اللحظة الأولى بإيقاعها الحيوي ولحظات الصوت الحازمة التي تمنح الأغنية طابعًا متجدّدًا. يبرز أداء هيفاء ثقتها وقوتها، مع شخصيتها القوية التي تجعل كل جملة تتردد في الذهن. تجمع الأغنية بين الصوت، الإيقاع، والأسلوب البصري بطريقة سلسة، ما يجعلها تجربة فنية متكاملة تذكّر الجمهور بقدرة هيفاء على التجدد وإعادة صياغة حضورها في كل إصدار جديد.