يعتبر أحمد فكرون من أول المطورين في الموسيقى العربية الحديثة، حيث أن تجربته حملت الكثير من التجديد على صعيد الأغنية الليبية والعربية في فترة السبعينيات والثمانينيات. انطلقت مسيرته في السبعينيات من بنغازي قبل أن يذهب إلى أوروبا، حيث تعرض لتأثيرات مختلفة من الأنماط الموسيقية. حافظ على روح الأغنية الليبية خلال تجديده، خاصة وأنه كاتب أغاني وملحن وموزع حمل نظرة فنيّة سبّاقة استمرت طوال إنتاجاته.
جمع ألبوم "إوعدني" في ١٩٨٧ مجموعة من الإصدارات التي قام بتسجيلها أحمد فكرون متنقلًا بين المدن الأوروبية، حملت هذه الأغاني فلسفته في الحياة والترحال، فاتحًا مواضيع مرتبطة بالإنسانية والوطنية. صرّح في واحدة من مقابلاته أن أغنيته "يا بلادي" قد تم بثها خلال الثورة الليبية في ٢٠١١ على إذاعة مصراتة لمنح الأمل في قلوب الشعب. هكذا اكتشف الجيل الجديد صوته بأغنية ربطته بليبيا على ألحان الجيتار، كتبها كلماتها الشاعر فرج المذبل الذي رافقه في أغلب أغاني الألبوم وطوال مسيرته.
قضى فكرون طفولته في بنغازي وتأثر بالإرث الثقافي والموسيقي في حلقات الذكر الصوفية بالإضافة الموسيقى المحلية وبعدها الموسيقى العالمية. اشترى جيتاره الأول وألهمته موهبته بالتلحين في تأسيس شكل جديد من الأغاني. تميزت ألحان فكرون بتأثيرات مختلفة، وقد اشتهر لإسهاماته في الفانك الليبي خاصة في أغنية "يُمة"، التي تعتبر من أكثر الأغاني التي تكشف عن قدرته المهولة والذكية في التوزيع. حملت إحساس بالنوستالجيا في كلمات مرتبطة بالحنين للماضي والأصدقاء عبر المناجاة الأم، واقتربت من عناصر الفانك مع خط البايس والغروف الحيوي.
قدم فكرون خلال مسيرته أساليب منوّعة من الفانك إلى السنث بوب و الريغي والبروغريسيف روك غيرها الكثير. غنى فكرون للشمس في "الشمس" والشبابيك في "شباكك"، ورغم أن هذه الأغاني اتسمت بالمزيد من الاستلهام من موسيقى الفانك، إلا أنه أبقى على الروح الليبية. تابع تعاونه مع الشاعر فرج المذبل في "ربيع سنيني"، والتي حملت تأثيرات سنث حالمة، وسجل "لا يا حب" في أوروبا وحملت صرخات "عايش في حنانك".
عرف الريغي الليبي بنية لحنية ارتبطت بالهوية ليبيا واقترب من أسلوب المرسكاوي وهو نوع موسيقي شعبي، وقد كان أحمد فكرون من أول المجربين في هذا النوع عبر أغنية "حلوة الصورة" أو التي عرفت بالفلاح، وحكت عن الفلاحين وعلاقتهم الجميلة بالأرض " لون أسمر وجبين عرقان/ ترسم خطوطك فوق صدر الأرض". حملت عيّنات سايكدالية في تجديد على موسيقى الريجي، بينما أبقى على صوته المحاط بتأثيرات الكورال. ظهرت هذه التأثيرات أيضًا في "إوعدني" من كلمات رجب شرشر، والتي دمجت إيقاع الريجي مع طبقة صوته والتأثيرات الشمال إفريقية، بالإضافة إلى مواضيع الحب وكلمات الغزل الليبي، كما ترجم صولو جيتار الكتريك انسيابية اللحن ما جعل منها أغنية فرحة بإيقاع عالي.
لم تتمثل اللهجة الليبية في الفنون الشمال إفريقية كثيرًا، لكن فكرون أعطاها حقها فقد غنّى بلهجة بنغازي كلمات الغزل الليبي، وعاد إلى الاستلهام من التراث الليبي في أغنية "نجوم الليل". أعاد توزيعها وتقديمها بروح الفنك مع الإبقاء على شكل اللحن الأساسي، وأدخل عليها صوت ناي مشوّه رافق ضربات الجيتار. وتعتبر "نجوم الليل" من أول الأغاني التي سجلها فكرون سنة ١٩٧٥ وضمها إلى ألبوم إوعدني.