خطا سمول إكس هذا العام خطوة مهمة في مشواره الفني، بتوقيعه عقدًا مع شركة Mass Appeal الأمريكية، ليصبح أول فنان من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينضم إلى هذه العلامة التي أسسها ناز، أحد أعمدة الهيب هوب العالمي.
هذه الخطوة ليست مجرد صفقة جديدة، بل تعكس تطور صوت مغربي نشأ في شوارع مراكش، ليبدأ التعبير عن نفسه من خلال الراب في سن مبكرة، ومرّ بتجارب جماعية تمرس عبرها في الجنرا، قبل أن يخوض تجربة فردية صقلت نضجه الفني.
على مدار حوالي عقدين، تنقّل سمول إكس من فريستايل في الشوارع، إلى ألبومات مشغولة بحرفية، وتعاونات ذكية ليحقق حضور قوي في مشهد الهيب هوب المغاربي. والآن بعد إعلان شراكته مع شركة التسجيلات العالمية، استمعنا لأولى إصدارات ألبومه القادم مع تراك "قلبي"، الذي يروي بصوته القوي قصص الحياة ويؤكد مجددًا على نضجه الفني وشخصيته المتطورة.
البدايات والتحديات وسنوات المراهقة
ينحدر سمول إكس من مدينة آسفي القريبة من مراكش. بدأ يتجه نحو الراب كوسيلة للتعبير عن نفسه في سن مبكرة، متأثرًا بتجربة عائلية صعبة وهي انفصال والديه.
انضم عام 2006 إلى مجموعة "دراما فلو" وهو في الخامسة عشرة، وبدأ التمرّن على الكتابة وأداء الفريستايل في الشارع مع أصدقائه. رغم معارضة والده، ظل يطوّر أدواته، ويوفر من مصروفه لشراء معدات بسيطة، واضعًا الموسيقى في قلب أولوياته.
عام 2007، أطلق أول كليب له "كيف ماكان الحال"، ليصبح أصغر رابر في المغرب يصدر عمل مصوّر آنذاك. في وقت كان فيه الراب المحلي لا يزال في مراحل التطوير مع الجيل الجديد، ومراكش إحدى المدن القليلة التي احتضنت هذه التجارب الناشئة. تحدث في التراك عن العزلة والاضطراب في مراهقته، جاء صوته صادق وصريح مع فلوه متماسك، فيما حملت الكلمات نضجًا لافتًا.
بعد عام، قدّم تراك "طفولة" على أحد مسارح مراكش. ظهر شابًا في السابعة عشرة، يروي ما عاشه من انكسارات في صغره بثقة وصدق. وثق الفيديو تلك اللحظة التي بدا فيها أن سمول إكس لا يغني فقط، بل أنه بدأ يشكل علاقة مباشرة مع جمهوره.
شايفين: الحلم الجماعي الذي صقل صوت سمول إكس
بعد بداياته المنفردة، انضم سمول إكس إلى مجموعة شايفين مع شوبي وسنوب. كانوا شبابًا مع أحلام أكبر من مراكش، أبرزها حلم الوقوف على مسرح مهرجان موازين. لم تكن الطريق سهلة: قلة الموارد، تحديات السفر، وأحيانًا حتى النوم في الشوارع. وقد تمكنوا عام 2011، من الوصول إلى نهائيات موازين، وجذبوا الأنظار بأدائهم الحي وطاقتهم على المسرح.
بدأوا يطلقون أغانيهم على يوتيوب مثل تراك "صاحبي" الذي تجاوز نصف مليون مشاهدة، وكان الرقم كبيرًا في ذلك الوقت. سرعان ما تبعه ميكستايب "SOS"، ثم "إنرجي"، الذي مثّل نقطة تحول لهم، وفتح باب الاعتراف بهم من داخل المشهد، وصولًا إلى دعم مباشر من الاسم البارز في المشهد دون بيغ، الذي ظهر في فيديو ترويجي إلى جانب أسماء مثل آش كاين ودي جي فان، داعيًا الجمهور إلى دعمهم.
وسط هذا الزخم، كان صوت سمول إكس يتغير بدوره. من رابر شاب ينقل تجاربه بلغة حادة ومباشرة، إلى فنان بدأ يكوّن أسلوب خاص أكثر عمقًا وصدقًا. حتى جاء عام 2014 بحفلتهم في مهرجان البوليفارد الذي يقام سنويًا، واستقبلهم الآلاف وهم يرددون كلمات أغانيهم، لتكون محطة فاصلة في مسيرتهم.
في 2016 أطلقوا ألبوم قصير بعنوان "07"، وأظهر تطورًا واضحًا في جودة الكتابة والإنتاج. خلال هذه المرحلة، بدأ سمول إكس يميل أكثر إلى التراكات التي تحمل بصمته الفردية، مثل "Ydf" الذي خرج فيه عن الإطار الجماعي، وراح يغني بصوته عن المقربين منه وعن حالته النفسية، بنبرة شخصية لم تكن مألوفة سابقًا في أعمال شايفين.
في 2018، سافروا إلى فرنسا، وهناك سجلوا "تشا را" مع ونزا وإل غراندي طوطو وماد، الذي لاقى نجاحًا كبيرًا ووصل إلى ملايين المشاهدات. وهي السنة التي كان فيها المشهد المغربي في أوجه، وقد كان صوت شايفين حاضرًا للمشاركة في هذه المرحلة.
جاءت جولة "سفر" في أوروبا سنة 2019 كتتويج لكل ما بنوه. لكنها كانت أيضًا بداية النهاية. ظهر تباين واضح في توجهات سول أكس وشوبي، وبدأ كلٌّ يشق طريقه الخاص. وجاء التراك الأخير على قناة شايفين "كون واجد" أشبه بتحية وداعية. وعندما سُئل سمول إكس عن سبب الانفصال في واحدة من المقابلات، أجاب ببساطة: "داكشي جا بوحده" أي أن الأمر حصل تلقاء نفسه.
انتهت قصة "شايفين"، لكن أثرها ظلّ حاضرًا. بالنسبة لسمول إكس، كانت المدرسة التي نضج فيها فنيًا، واختبر من خلالها معنى الصوت الجماعي، قبل أن يختار السير وحده، بصوت صار أكثر نضج ووضوح من أي وقت مضى.
من شايفين إلى فينيكس: رحلة سمول إكس الفردية
بعد سنوات من العمل ضمن مجموعة شايفين، قرر سمول إكس أن يسلك طريقًا فرديًا. في 2020، أعلن بداية مشواره الجديد بتراك "دراجون"، حيث عبر عن خروجه من الظل والانطلاق نحو مرحلة جديدة بصوت قوي: "يلا طالع من الفوندو / فايق من الكوما".
تابع بعدها إصدار "دوبل اكس إل" الذي حمل رسالة واضحة بأنه يلعب وحيدًا، مع فيديو كليب يعكس هذه المرحلة المستقلة. في 2021، أصدر أول تراك من ألبومه القصير "Phoenix"، حيث جاء تراك "برية" تمهيد غامض للألبوم الذي عمل عليه خلال فترة كورونا. اختار صورة الفينيق الطائر رمزًا لنهضته من الرماد، وعكس الألبوم عالمه الخاص بتركيز كامل على صوته وقصته، دون تعاونات مع فنانين آخرين.
أصدر ميكستايب "كروموزون" بعدها بعامين، الذي ضمّ تعاونت بارزة مع دوليبران ولمورفين، ليعزز بذلك مكانته كفنان فردي قادر على بناء هوية مستقلة.
إلى جانب توقيعه هذا العام مع شركة Mass Appeal، وفيما ننتظر صدور باقي أغاني ألبومه القصير "NAFIDA"، شهدنا إطلاق وثائقي يوثق مرحلة العزلة الإبداعية التي عاشها سمول إكس أثناء صناعة العمل مع المنتج سايب. في أحضان الطبيعة على تلال المغرب، شارك في العمل مجموعة من الفنانين بينهم يو أصيل وسعد البركة، حيث تحولت هذه التجربة إلى ملحمة فنية تعكس عمق رحلة سمول إكس.