أطلق الاسم البارز في المشهد الجزائري ديدين كانون 16 إصدارًا جديدًا، عاد فيه إلى سردية التجارب الشخصية، ليحكي عن الحب والانتماء ولكن هذه المرّة على إيقاع إلكتروني، أعطى مساحة لصوته والفلو المختلف والتي اعتدنا على سماعه منه.
عام من الزخم الفني قبل "مونتال"
قبل صدور "مونتال"، كان عام 2025 عامًا حافلًا بالنشاط لديدين كانون، إذ حافظ على وتيرة إصدار متواصلة بمعدل أغنيتين إلى ثلاث شهريًا، وبرزت بدمجها بين الهيب هوب والإيقاعات الجزائرية المحلية، منها أغنية "سمحت ومشيت"، التي أعاد فيها تقديم أغنية من بداياته بأسلوب يعكس تطوره الموسيقي ونضجه في الأداء.
كما واصل توسيع حضوره في المنطقة من خلال تعاونات مع أسماء بارزة في المشهد، منها "جلوك" مع أم سي أرتيزان، التي دخلت قوائم بيلبورد عربية. وتأتي هذه المرحلة بعد ألبومه القصير "خمسة"، الصادر في نوفمبر / تشرين الثاني 2024، والذي ساعده على ترسيخ موقعه ضمن قائمة أفضل مئة فنان في المنطقة.
"مونتال": الغوص في العقل والمشاعر
في "مونتال"، يفتح ديدين كانون 16 نافذة على ذاته، حيث يتقاطع الألم العاطفي مع التأمل في معنى الحياة. يعلن رغبته في أن يتجاوز قلبه تجربة الحب، وكأنه يسعى إلى مصالحة مع ذاته بعد علاقة أثقلته بالمشاعر، في بارات مثل "كبرت والعين تشوف الدنيا كوبا/ حنا لعبنا وين خلاص الخوف".
تعتمد الأغنية على إيقاع إلكتروني داكن يميل إلى صوت الديب هاوس المتأثر بالأفروبيتس، يميّزه حضور الجيتار المشوّه (Distorted) الذي أضفى عليه المنتج ويلي لمسة تأملية توازن بين القوة والهدوء. يعبّر ديدين من خلال الكلمات عن رؤيته للحياة اليوم، بين واقعية قاسية ورغبة في التحرّر من القيود الداخلية.
يُفتتح الكليب بتأثيرات بصرية مستوحاة من جمالية الـ Y2K (بصريات بداية الألفية)، حيث يظهر قرص CD يحمل اسم ديدين في إشارة رمزية إلى بداياته ومسيرته المبكرة. تم تصوير العمل في دبي بأسلوب بصري متقن يعكس الحالة الذهنية للأغنية، من خلال زوايا تصوير قريبة وألوان حادة ومونتاج سريع من إخراج أنيس يانغ جي بي.
حكم أولي
يقدّم ديدين كانون 16 في "مونتال" تجربة ناضجة موسيقيًا ونفسيًا، تمزج بين الجرأة والبوح، وبين السيطرة والانفلات. منذ البار الأول "يا قلبي خلاص pas de love"، يعلن تحوّله من العاطفة إلى الصلابة. وقد جاء الإنتاج الموسيقي محكمًا ومتعدّد الطبقات، لينساب فوقه صوت ديدين بتنوّعات نبرته بين التهديد والاعتراف. هذا التوازن بين الضعف والقوة يولّد أثرًا نفسيًا مضاعفًا، وينعكس ذلك في البناء الصوتي الذي يبدو مصقولًا ومقصودًا في كل تفصيلة.
يمكننا القول أن "مونتال" قد تكون أغنية عن الحب أو الألم، لكنها أيضًا تكرس لحظة وعي جديدة في مسيرة ديدين كانون، تضعه في موقع الفنان الذي لم يَعُد يروي تجربته فحسب، بل يعيد تشكيلها بصوتٍ أكثر اتزانًا وعمقًا.






