بدأ دي جي مبارك رحلته في عالم الموسيقى من بوابة بسيطة ولكن مؤثرة: تسجيل كوفرات لأغاني مشهورة ومشاركتها على إنستغرام. ومع الوقت، بدأ بكتابة كلماته واستكشاف ألحانه، وتطوير هوية موسيقية خاصة به، نابعة من بيئته وثقافته. هذه الخطوة المبكرة مهّدت الطريق لفنان يرى في كل بِيت وإيقاع مرآة لمجتمعه وصوته الشخصي.
منذ بداياته، اعتمد مبارك على أسلوب يدمج بين الإيقاعات السعودية والهيب هوب والآر-أند-بي، وهو ما ميّز إصداراته. امتد هذا التوجه إلى أسلوبه الكتابي، حيث تناول في أغانيه ثيمات مرتبطة بمشاعر الحزن والوحدة والحب والصراع الداخلي، استخدم فيها مفردات قريبة من الشارع الخليجي ضمن لغة موسيقية جديدة.
شهد عام 2020 غزارة إنتاجية لافتة في مسيرته، ترسّخت من خلال تعاونات مع الرابر خالد من نفس المشهد، في إصدارات مثل "أمانة" و"سويتش مود" مع فرنك. أظهرت هذه المرحلة عمله المتواصل على تطوير صوته وكأنها مرحلة تأسيس لما سيأتي لاحقًا.
شكّلت التقاليد والثقافة التي نشأ عليها مبارك حجر الأساس لهويته الموسيقية، كما صرّح في إحدى مقابلاته. لم يرتبط بنوع موسيقي واحد، بل انفتح على طيف واسع من الأصوات والإيقاعات، ما ساعده على بناء ذاكرة صوتية غنية ومتنوعة. وقد تجسد هذا التراكم في أغنية "طاير" (2024)، التي شكّلت نقطة تحول في مسيرته. جاءت الأغنية حالمة وخفيفة، تعكس رغبة بالتحرر من القيود النفسية والاجتماعية.
أما اللحظة التي نقلت صوته إلى جمهور أوسع في المنطقة، فكانت مشاركته في راب شارع. قدّم أغنيته "حزين الوقت" مرتديًا الزيّ السعودي التقليدي، في حضور بصري عبّر عن ارتباطه بالهوية والانتماء الثقافي. جاء أداؤه متزنًا بثقة في التقطيع وتحكّم واضح في النفس، مع تلوينات صوتية تنقّل من خلالها بسلاسة بين طبقات الأداء. تولّى إنتاج الإيقاع بنفسه، وأرفقه بعزف حيّ على العود، بينما اتّسمت الكلمات ببناء تصويري يستلهم من ملامح الغزل العربي في لغته وصوره.
توالت بعدها إصداراته مثل "أنت مني" (بالتعاون مع تركي عبدالله ومجيد) و"يا زينة" و"سعودي فوق فوق"، وهي أعمال تراوحت بين الرومانسية والاعتزاز بالهوية، وأظهرت مرونة مبارك في التنقل بين الأسلوب الغنائي والإيقاعي. أما في إصداراته الأحدث، مثل "تعانديني" و"شايفينها"، فبدأ في استكشاف أصوات أكثر تجريبية وطبقات صوتية جديدة، تعكس المزاج العصري لجيل جديد من المستمعين في المشهد السعودي.
في "يا أسمر اللون"، يقدّم دي جي مبارك نموذجًا ناضجًا لصوت سعودي جديد، يستند إلى اللغة واللحن والصور الشعرية. تظهر الأغنية حساسية عالية في التعامل مع الغزل، من خلال مفردات مأخوذة من الموروث، وأداء متماسك يحافظ على التوازن بين البساطة والعمق. اعتماد لحن العود، ومشاركة تركي عبدالله في الهوك، والتوزيع الصوتي المدروس، كلها عناصر تؤكد تطور مبارك فنيًا، واستعداده للدخول في مرحلة جديدة من مسيرته تتسم بوضوح الرؤية ورسوخ الهوية.