عندما اجتاحت موجة الهيب الهوب المغرب عام ٢٠١٢، وجد الرابرز أنفسهم أمام معضلة تلاوين أصواتهم المتأثرة بالراي. لم يلائم بيت التراب القادم من أتلانتا جورجيا هذا الصوت الغنائي، ما جعل المجربين عرضة للتهكم، وكان اسم التراي يقال كمزحة على أي تجربة أدائية تحاكي الراي.
بعدها بسنوات، طوّع المنتجون أجهزة السينثيسايزر التي لم يعد يصعب امتلاكها، واستهلموا صوت الكيبورد الشعبي، معتمدين على تراث المنطقة. بدأ التجريب الموسيقي بدلًا من الاعتماد على بيتات جاهزة، ما ساعد الرابرز على تقريب فلوهات التراب من فلوهات الراي. أصبحت تجربة التراي حقيقية، خاصة وأنها أتت كامتداد لتجارب دمج الهيب هوب بالراي عند نهاية التسعينيات مع مامي في parisien du nord، والشاب خالد في من وهران لـ مارسي، وغيرهم.
في حديث خاص للمنتج بشير الزايري مع بيلبورد عربية، أخبرنا أنه من الصعب تتبع أول تراك تراي. خاصة وأن فترة التجريب شملت مشاركات من رابرزمغمورين لم تحصد محاولاتهم استماعات كثيرة أو تلقى رواجًا. أما عن تجربته الخاصة، فقد ساعده لقائه الشاب خالد عام ٢٠١٩ على فهم موسيقى الراي أكثر، وتقسيم طبقاتها اللحنية المتداخلة مع الغناء.
تستطيع أغنية حسي بيا لـ الحر، أن ترسم معالم أسلوبه بوضوح ونضج، خاصة وأن الزايري صاغ لحنًا يدخل إلى قلوب مستمعي الراي والتراب سويّة بانسيابية. "باخد الجروف ديال الراي وكندخل وسط منها كيك وسنايرز، وعندي تمبو من ثمانين لتسعين bpm وهاد هو التراي. بحال حسي بيا ديال الحر هادي بيور تراي، وريفرنس بالتراي، حتى الكتابة والميلودي قراب من عالم الشاب عقيل وشوية الشاب حسني".
تابع الزايري إنتاجاته المتتالية بعد نجاح حسي بيا التي حققت أكثر من مئتي مليون مشاهدة، وصارت لاحقًا مصدر إلهام لباقي المنتجين والرابرز الذين اندفعوا للتجريب بأصواتهم، دون الخوف من التقليل من شأن التراي الذي لم يعد مزحة. تميز أسلوب بشير بمعرفته الواسعة لأدوات الشعبي والراي، وظهر إتقانه لها في تراك كابايرو لـ مسلم.
كما يعتبر تراك هالالا مع مايسترو تجربة متقنة في عالم صياغة اللحن، خاصة وأن الزايري قدم للمرة الأولى الإيقاع الشعبي مع التراي. استلهم صوت الجيتار من فرقة الراي-روك رانيا راي في بداية الأغنية، بينما قلب الإيقاع عند النهاية وطوّع إتقانه للشعبي المغربي في نقلة إبداعية "قلت خصني ندخل موسيقى السينثيسايزر والإلكترونيك فوق الجروف الشعبي، حيث ما يبقاش جروف الشعبي الي كنعرفه، يغلب عليه أصوات السنث، ودخلت عليه بيج كيكس وسناير".