توفيت آمال الأطرش أو أسمهان قبل أن تبلغ الثانية والثلاثين من عمرها، وقد سجّلت خلال رحلتها الفنية القصيرة والمتقطعة سبعًا وأربعين أغنيةً، جعلت اسمها دائم الحضور عند الحديث عن الموسيقى العربية التقليدية. في الذكرى التاسعة والسبعين لرحيلها، نتذكر مجموعةً من أجمل أغانيها.
ليت للبرّاق عينًا
تميزت أسمهان بقدرتها على إضافة إحساس عالٍ للمقاطع الشعرية المزخمة بالصور، وكانت تعرف كيف تخفف الشعر العربي الثقيل وتقرّبه من المستمعين. غنت أسمهان لكبار الشعراء، لكن تبقى قصيدة ليت للبراق عينًا للشاعرة ليلى العفيفة التي لحّنها القصبجي من أجمل ما غنته بالفصحى. ففيها نسمع صوت امرأة تغني ببلاغة ورقة كلمات أنثوية خالصة، بتجربة سابقة لعصرها، تأخرت الأغنية العربية كثيرًا حتى أدركتها.
إمتى حتعرف
سجّلت أسمهان في فيلمها الوداعي غرام وانتقام سبع أغانٍ، تناوب على تلحينها فريد الأطرش والسنباطي والقصبجي. لعل أغنية إمتى حتعرف، التي كتبها مأمون الشناوي ولحنها القصبجي، هي أكثر أغاني الفيلم رقةً وسحرًا. عبر الكوبليه الأول والمكرر فيها الذي تؤديه أسمهان على مقام النهاوند وإيقاع الفوكس، والمقاطع التالية التي ينوع القصبجي مقاماتها بين البياتي والعجم والكُرد، تُحلق أسمهان في الأغنية إلى مستوى أثيري لا يمكن مقاومة سحره.
يا بدع الورد
كان لفريد الأطرش دورًا بارزًا في حياة أسمهان الفنية، فكان سندها في رحلتها الصعبة، ولحّن لها عشرات الأغاني عبر مسيرتها. قد يميل البعض من بين ألحان فريد لليالي الإنس في فيينا أو لموال ياديرتي، الذي يبدو تجويدًا على مقام الهُزام. أما يا بدع الورد فقد اكتسبت مكانة طقسية خاصة مع مرور الوقت، لتكون أغنية مصاحبة لعيد شم النسيم الوطني في بداية موسم الربيع.
يا حبيبي تعالى الحقني
في الأصل، كتب المخرج والممثل أحمد جلال هذه الأغنية لتؤديها زوجته ماري كويني في فيلم زوجة بالنيابة، ولحن الأغنية ليس عربيًا أصيلًا، فهو مأخوذ من أغنية El huerfanito للمغني الكوبي كوارتيتو، وأعدها مدحت عاصم. رغم ذلك تبقى واحدة من أهم التحف الفنية الموسيقية بصوت أسمهان، لكونها كشفت عن مساحات مجهولة منه عندما وُضِع في قالب موسيقي غربي.
يا طيور
غنّت أسمهان ألحان رياض السنباطي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب، لكن القصبجي عرف تمامًا كيف يستثمر صوتها وقدراتها في تجاربه ذات النزعة التجديدية. أغنية يا طيور هي بلا شك تجربة القصبجي الأكثر جرأة، إذ وضع لها لحنًا حركيًا مبهرًا، أضافت له أسمهان الكثير بقدرتها على مجاراته ودمج المقامات الشرقية بأداء السوبرانو الأوبرالي؛ ضمن تجربة كانت الأولى من نوعها.