بعد أسابيع على صدور ألبومه الثاني "نارين" الذي سرعان ما حققت أغانيه انتشارًا واسعًا، وصعدت إلى العديد من قوائم بيلبورد عربية في مراتب مختلفة، فاجأنا تووليت ليلة أمس بإصدار منفرد جديد بعنوان "الحب جاني".
لكن، ورغم أن تووليت كان من الظواهر الموسيقية الجديدة المفضلة لدى فريقنا من العامين الماضيين، خاصة في كلا مشروعي الألبومين الطويلين اللذين صدرا له، لكن هذه الأغنية كان سببًا في انقسام فريقنا اليوم، فالبعض يجد فيها نوستالجيا غارقة بالتفاصيل الجذّابة، والبعض الآخر وجد فيها نقلًا مباشرًا وزائدًا عن الحد لروح البوب المصري في نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة.
نورهان أبوزيد / مع
يرثي تووليت في هذه الأغنية حاله بعد أن طرق الحب بابه ليذوق سريعًا مرارة الفراق. الأغنية تنتمي بوضوح إلى روح التسعينات سواء في توزيعها الذي تولاه معتز ماضي مدعومًا بعزف كيبورد من جورج نبيل، أو في كلماتها ولحنها اللذين حمل كلاهما توقيع تووليت كما اعتدنا منه في معظم أعماله. وبالنظر إلى ألبوم تووليت الأخير "نارين"، فقد بات واضحًا أن توجهه نحو النوستالجيا بات يتبلور كجزء من شخصيته الفنية، لا عنصر منفرد في إصدار أو اثنين.
ورغم الطابع الحزين لموضوع الأغنية إلا أن الإيقاع الراقص الذي اختاره تووليت يخلق نوعًا من الألفة الممزوجة بسخرية داخلية من حاله، وكأنه يرقص على جراحه. هذا التناقض بين النص والموسيقى يُعد أحد أبرز نقاط قوتها ويمنح الأغنية جاذبية خاصة تُذكرنا بأغنيات بعض فناني التسعينيات، كحكيم في رائعته "ولا واحد" حين قال: "الحب نادني / خدني ووداني"، وإن اختلف الأسلوب والأداء فإن تووليت لا يقلد هنا بل يستحضر المناخ الموسيقي العام بأسلوبه الفريد.
الاهتمام بالتفاصيل كان حاضرا أيضًا، بدءًا من الفيديو البسيط المصاحب الذي يتناغم بصريًا مع هوية الأغنية، وصولًا إلى طريقة الإعلان عنها، حيث كتب تووليت في نهاية منشوره على إنستغرام: "حاليًا بالأسواق"، وكأنها تحية لزمن الكاسيت.
"الحب جاني" أغنية خفيفة ولطيفة تليق بشخصية تووليت الفنية وقد دفعتني لإعادة الاستماع إليها مرارًا. وربما كانت هذه واحدة من أبرز نقاط قوة تووليت، حيث يمتلك قدرة على التسلل إلى القلب والعقل بأغنية بوب عاطفية تمزج بين النوستالجيا وصدق الإحساس، دون أن تفقد خفتها أو عفويتها.
يوسف علي / ضد
لا أرى أن الأغنية تستلهم فقط من روح التسعينات، بل إن توليت يطرق بوضوح بوايو بوب بدايات الألفينات بالعديد من الاقتباسات الواضحة، ولكن دون أن يضيف لها أية عناصر جديدة.
إن بدأنا من الكلمات، فإن السمة المميزة لأغاني مرحلة نهاية الثمانينيات والتسعينيات لم تُبنى فقط على الكلمات البسيطة، بل على ابتكار مصطلحات وجمل شعرية جديدة على أذن المستمع وقادرة على خلق حالة إعجاب واستغراب، ولذلك عُدت فترة مميزة فيما يتعلق بالكتابة سواء بتناولها بالنقد أو إثارتها للجدل. لكن ما قدم في "الحب جاني"هو مجرد استعادة للحالة مع تعابير أبسط من اللازم، ودون وجود جملة واحدة تخطف السمع بشكل خاص. وظهر إدراكه لذلك واضحًا بمحاولة المَد والتنغيم الزائد عن الحد في الأداء. أما بالنسبة لنقطة المزج بين الآلام والأحزان والسخرية الداخلية، فلا يمكن اعتبارها نقطة قوة فعلًأ ما لم تأتي بجديد.
يشمل ذلك أيضًا اللحن والتوزيع الذي تولاه معتز ماضي وجورج نبيل، بالنقل الحرفي لجُمل هذا الموجة اللحنية حتى بتقطيعات الأورج التي كانت صيحة في وقتها. تتجه الكثير من الجنرات الموسيقية حول العالم وبالمنطقة العربية للسامبلينغ والاقتباس، ولكن مع وجود قالب ذاتي يشمل عناصر عصرية تتفاعل مع الاقتباسات، لا الاكتفاء بالنقل بشكل مباشر.
حتى الأداء حمل تأثرًا واضحًا بأداء مطربي البوب المصري الشباب المنتمين لموجة بداية الألفينات مثل بهاء سلطان وتامر حسني، دون ظهور واضح لنبرة تووليت المميزة التي تحتوي على طبقة عميقة تغلف كل أعماله بإحساس خاص.