تحالفت مع أصحاب المليارات ممن تُتهم شركاتهم بتدمير الكوكب، ووضعت يدها في يد منتج موسيقي متّهم باستغلال النساء، لتنتج فنًا عن تمكين النساء! ليست هذه سوى عناوين قليلة طالت كاتي بيري في السنوات الأخيرة، في وصف لما بات يُعرف بـ"حقبة الانحطاط" في مسيرتها الفنية.
لكن لماذا أصبح الفشل يلاحق اسم نجمة كانت يومًا في القمة؟
ظاهرة فاتها القطار
قبل أكثر من عقد، كانت كاتي بيري ظاهرة بوب لا تضاهى، تحصد النجاحات وتحتل القوائم وتملأ الملاعب بالحشود. لكن الانحدار الذي شهده اسمها مؤخرًا، يمكن أن يرى كنتيجة طبيعية لتغير العالم ومعايير النجاح.
فبينما التقط فنانو الهيب هوب تحوّل العلاقة بين الفنان والجمهور في عصر البث المباشر والسوشال ميديا، وفهموا حاجة جمهورهم لموسيقى "هادفة" في ظل مشهد سياسي واجتماعي متقلّب، تمسّكت كاتي بنموذج ترفيهي قديم لم يعد يُقنع الجيل الجديد، ولا مراهقيه الذين شكلوا النسبة الأكبر من جمهورها قديمًا.
إحدى التعليقات الساخرة لخّصت المشهد: "كاتي بيري اعتقدت أنها تواكب العصر... لمجرد أنها قصّت شعرها.
ألبوم "143": عندما لا تكفينا النوايا الحسنة
أطلقت بيري ألبوم "143" عام 2024 على أمل أن يكون انطلاقتها الجديدة بعد غياب، لكن الواقع كان صادمًا، فقد كانت مبيعات الألبوم الأضعف في تاريخها، ولم تدخل أي من أغاني الألبوم قائمة Billboard Hot 100.
النقد له لم يكن فنيًا فقط، فتعاونها مع الدكتور لوك المعروف بسمعته السيئة باستغلال النساء، أثار موجة غضب، خاصة أن الأغنية الرئيسية "Woman’s World" قُدمت كثورة نسوية، ما اعتبره البعض تناقضًا فجًّا، وعزز انتقادات لطالما وُجهت إليها بأنها تروج لنسوية نخبوية مغلفة بامتيازات الأغنياء، تُعرف بـ"Girl Boss Culture"، دون أي أثر فعلي في دعم النساء عمومًا.
Lifetimes Tour: بهرجة بلا جمهور
لم تنجح الجولة العالمية التي تلت الألبوم في إنقاذه. رغم الإنتاج الباذخ والقصة الفانتازية المستوحاة من ألعاب الفيديو والتقنيات المستمدة من الذكاء الاصطناعي، وعشرات اللقطات "العفوية" التي تلتقط لحظات فايرال لكاتي مع جمهورها على المسرح، عانت الجولة من مبيعات تذاكر منخفضة في عدة مدن، وتأخيرات تنظيمية أثارت غضب الجمهور.
وصف كثيرون العروض بـ"المحرجة"، وانتقدوا الحركات الراقصة والأزياء والمشاهد التي تحولت لاحقًا إلى مادة ساخرة على تيك توك.
من جهاتها، لم تلتزم كاتي الصمت، بل ردّت بفكاهة على السخرية: "الانترنت مكب نفايات بشري للأشخاص غير المتزنين".
رحلة الفضاء... وقبلة الأرض المسمومة!
شاركت بيري في رحلة فضائية مع شركة جيف بيزوس Blue Origin. وبينما كان الهدف هو تمكين المرأة والاحتفال بالإنجازات السماوية لها، تحولت التجربة إلى نكتة على الإنترنت، ومحل انتقادات واسع.
ردود الفعل كانت قاسية. وُصفت الرحلة بأنها استعراض باهظ في زمن الأزمات، والمشاهد التي ظهرت فيها كاتي وهي تبكي، وتُقبّل الأرض، وترفع زهرة أمام الكاميرا، قُوبلت بتعليقات لاذعة وانتشرت كالميمات الساخرة على الإنترنت.
وسط هذه التعثرات، لا تزال كاتي بيري تملك سلاحًا لا يُستهان به، وهو أرشيف أغانيها الناجحة، وقاعدة جماهيرية لا زالت تتوق لصورتها القديمة، فهل تكون هذه المرحلة بداية تحوّلها إلى "فنانة أرشيف"؟ أم أنها ستجد طريقة للعودة من جديد، بروح جديدة وصوت أقرب لما يريده الجيل الحالي؟