يبدو أنّ "الوقت المناسب"، كما وصفه فريقه الإعلامي سابقًا، قد حان أخيرًا. فبعد أكثر من 12 عامًا من الغياب والجدل، سلّم الفنان فضل شاكر نفسه للجيش اللبناني مساء السبت، منهياً سنواتٍ من التواري داخل مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا. خطوة وصفتها مصادر عدّة بأنها حاسمة في مسار قضيته المعقّدة، إذ أكدت مصادر أمنية لصحيفة الشرق الأوسط أنه نُقل إلى مركز صيدا العسكري تمهيدًا لإحالته إلى وزارة الدفاع في اليرزة لإعادة محاكمته.
لكن ما خلفية قضيته؟ وما السيناريوهات المحتملة لمصيره اليوم؟
▪ 2012 — 2013: من الاعتزال إلى “معركة عبرا”
في عام 2012، فاجأ فضل شاكر جمهوره بإعلان اعتزاله الفنّ وانضمامه إلى جماعة متطرفة يقودها أحمد الأسير. لكن نقطة التحوّل جاءت في يونيو 2013 مع اندلاع معركة عبرا بين الجيش اللبناني ومسلّحين تابعين للأسير، انتهت بمقتل عدد من الجنود وفرار الأسير وأنصاره إلى مخيم عين الحلوة.
▪ 2014 — 2024: تتالي التهم والحياة في الظل
عامي 2016 و 2017، فتحت ضدّه عدة دعاوى قضائية بتهمة “الاشتراك مع الأسير في تشكيل عصابة مسلحة ومهاجمة الجيش اللبناني”، وأصدر القضاء العسكري خمسة أحكام غيابية بحقه، تراوحت بين 5 و15 عامًا أشغالًا شاقة، كما نقلت صحيفة الشرق الأوسط.
لاحقًا، وفي 2018، صدر حكم ببراءته من المشاركة في أحداث عبرا، قبل أن يُعاد فتح ملفه من جديد في 2020 بحكمٍ آخر قضى بسجنه 22 عامًا بتهم أُسقطت عنه لاحقًا.
وهذا ما أكدته محاميته أماتا مبارك في يوليو 2025، لـET بالعربي، إذ أكدت أن المحكمة العسكرية في بيروت برّأت فضل شاكر من تهمة الاقتتال مع الجيش اللبناني، وذلك بقرار صادر بالإجماع عن الهيئة الدائمة للمحكمة، رغم أن بعض الأحكام الغيابية ظلت قائمة بحقه.
أما التهمة التي لاحقته أيضًا وتتعلق بتهمة تبييض الأموال، فأوضحت محاميته أن مصدر الأموال موضوع الاتهام يعود معظمها إلى نشاطات فنية وعقارية مشروعة، وقد نالت عائلته البراءة الكاملة من هذه التهمة، فيما لا تزال القضية مقتصرة عليه شخصيًا.
▪ 2024 — 2025 عودة فنية قوية، وثائقي، وأنباء عن تسليم نفسه
البداية كانت مع وثائقي يتناول سيرة حياة الفنان وقضيته المثيرة للجدل بعنوان "يا غايب"، تبعها اصدارت غنائية اكتسحت الساحة الفنية والقوائم، منها "أحلى رسمة"، و"دويتو مع ابنه محمد فضل شاكر "كيفك عفراقي".
بدأت الأنباء تنتشر مجددًا عن إمكانية تسليم فضل شاكر نفسه للعدالة، كما نشر هو بيانًا مطولًا قال فيه إنه “بريء من كل التهم المنسوبة إليه”، مؤكدًا أن بعض الأحكام الصادرة بحقه “مفبركة” وأنه لجأ إلى المخيم هربًا من التهديد بالقتل، لا من العدالة. وهذا ما أكدته محاميته نفسها.
أكتوبر 2025— تسليم نفسه
في أكتوبر 2025، سلّم فضل شاكر نفسه طوعًا للجيش اللبناني عند مدخل مخيم عين الحلوة. وبحسب المصادر الأمنية، نُقل أولًا إلى مركز صيدا العسكري، قبل تحويله إلى وزارة الدفاع في اليرزة.
ما الاحتمالات التي يواجهها فضل شاكر اليوم؟
1. إعادة المحاكمة وسقوط الأحكام الغيابية
بموجب القانون العسكري اللبناني، بمجرد أن يسلّم فضل شاكر نفسه، تُلغى الأحكام الغيابية السابقة ويُعاد النظر في كل القضايا من الصفر. سيُمنح فرصة لتوكيل محامين، وتقديم وثائق وشهود لدحض التهم، وقد ينتهي الأمر إلى براءة كاملة في حال ثبوت عدم ضلوعه في أي عمل مسلح أو مالي غير مشروع.
2. ماذا عن نشاطاته الفنية خلال فترة المحاكمة؟
رغم أن أخبار حفلاته الأخيرة كانت شائعات لا أساس لها، إلا أنها أعادت طرح سؤال جوهري: هل سيتمكّن شاكر فعلاً من استعادة حياته الفنية والتنقّل بحرية لمواصلة نشاطه الفني، أم سيظلّ محصورًا ضمن إطار قانوني مقيّد إلى حين صدور حكم نهائي؟
3. تسوية مستقبلية؟
مصدر قضائي بارز أكد لـ "الشرق الأوسط" أنه "لا توجد تسوية في الملفات القضائية، وإذا قرر فضل شاكر حلّ قضيته، فعليه أن يسلّم نفسه للقضاء العسكري، ويخضع لمحاكمة علنيّة، تمنحه الحق بتوكيل محامين للدفاع عن نفسه، ودحض التهم المنسوبة إليه"، مذكراً أن "القرار القضائي لا يعالَج إلّا بقرار مماثل أيضاً".