في الوقت الذي يزدحم فيه مشهد الليفانتين بوب بإصدارات نجوم الجيل الجديد الصاخبة التي تميل إلى نغمة الموسيقى الشعبية وتوزيعاتها، تأتي أغنية ناصيف زيتون الجديدة "حلوة" كأنها نسمة صيفية، تنحاز إلى الخفة والبساطة.
ليست أغنية خارقة بتركيبتها، لكنها تعرف تمامًا كيف تُصيب هدفها: إيقاع راقص، كلمات مألوفة لكنها مصقولة، وأداء يثبت أن ناصيف زيتون لا يزال يثق بإيقاع العاطفة.
ديو ورا ديو
تأتي "حلوة" لتكسر سلسلة الدويتوهات التي أصدرها ناصيف زيتون على مدار العامين الأخيرين، حيث كانت آخر أغانيه التي يقدمها متفردًا، هي أغاني ألبوم "بالأحلام" في صيف 2023. دويتوهات ناصيف زيتون لاقت نجاحًا واضحًا في 2024، ولاسيما "ما في ليل" التي تعاون فيها مع رحمة رياض، والتي نجحت بتصدر قائمة بيلبورد عربية هوت 100.
لكن الواضح أن ناصيف أكثر تألقًا عندما يكون وحيدًا على الميكروفون، فيكون أكثر تركيزًا، وأقرب إلى صورته الأصيلة التي كوّن بها قاعدته الجماهيرية. وذلك ما يجعل أغنية "حلوة" التي كتب كلماتها ولحنها صلاح بلول ووزعها عمر الصبّاغ.
حب عالدقة ونص
إن قوة الأغنية لا تكمن في عمق الفكرة أو بحبكة معقّدة، بل في قدرتها على قول الأفكار البسيطة بخفة، وتقديمها على إيقاع رايق يكسبها المزيد من الجاذبية.
كاتب الأغنية وملحنها، صلاح بلول، يعتمد على بنية تقليدية يغلفها ببعض اللمسات الجذابة والطريفة. البداية قد تُربك المستمع: "مع احترامي/ اسمع كلامي" يخبر ناصيف قلبه، يفتتح الأغنية بقدر من الجدية الزائدة التي لا تلبث أن تتبدد. فسرعان ما يدخل الإيقاع الشرقي بانسيابية تجعل المقطع التالي أكثر دفئًا وحيوية، مع صوت ناصيف زيتون وهو يغني "هي حلوة بتقنع أي شب بحالا". يتحول العمل من جملة تحذيرية إلى دعوة مفتوحة للانغماس في مشاعر لا تخلو من الخطورة، لكنها مغرية كفاية لتُرتَكب.
التوزيع الموسيقي لـ عمر صبّاغ يسمح للإيقاع الشرقي أن يقود دفة الأغنية، لتبدو معه الأغنية مصممة للرقص. ولكن أداء ناصيف زيتون العاطفي يجعلها أيضًا تحتفظ بالتوازن، لتكون مناسبة لكل الأوقات.
ناصيف ممثل بارع أيضًا
لكن كل ما سبق في كفة.. والفيديو كليب الذي أخرجه سمير سيرياني في كفة أخرى. اختار المخرج تصوير قصة مرحة بين شاب متردد وفتاة تعمل في متجر ألعاب، تقوم بدورها الممثلة الصاعدة جينا أبو زيد. يأخذ وقتًا مستقطعًا في منتصف الأغنية ليقدم ناصيف فقرة "إيفيهات" ليسترعي انتباه الفتاة، فنتعرف لأول مرة على ناصيف الكوميدي، ثم نرى ملامحه تذوب حبًا، فنتعرف لأول مرة على ناصيف الممثل! (هل سنراه فعلًا يخوض تجربة تمثيل قريبًا؟) كل هذا بدا مفاجئًا بعض الشيء للجمهور، الذي لربما لم يتوقع أن يقدم ناصيف أغنية عن بداية الحب بعدما انتقل للحياة الزوجية مؤخرًا بعد سنوات من علاقة الحب التي جمعته بالممثلة دانييلا رحمة.
في المحصلة، "حلوة" ليست فقط أفضل ما قدمه ناصيف منذ تقديمه أغنية "بالأحلام"، بل هي أيضًا أغنية تبشر بصيف مشرق لناصيف زيتون. ورغم أنها تبدو أغنية خفيفة لا تعكس كل إمكانيات ناصيف زيتون الكبيرة التي اعتدنا عليها، ولكنها الخفة قد تفتح الباب أمام فصل جديد من مسيرته الفنية.