صدرت أغنية "كلمنتينا" ضمن ألبوم سانت ليفانت الأخير "رسائل حب"، وبالتعاون للمرة الأولى مع الرابر مروان موسى. سمع فريقنا أغاني الألبوم بتمعن بمجرد صدوره، خاصة أن سانت ليفانت كان نجم غلاف بيلبورد عربية لشهر فبراير، وتحدثنا معه تفصيليًا عن رحلة صناعة الألبوم. لكن أغنية "كلمنتينا" تحديدًا كانت إشكالية بالنسبة لنا.
انقسمت آراء أفراد الفريق حولها، بين من لم يستسغ الأغنية إطلاقًا، وبين من لم يتوقف عن تكرار سماعها بانسجام طوال اليوم. مر الوقت ولم يغير أيٌّ منا رأيه، لكننا أدركنا أنها أغنية مختلفة عن السائد سواء في موسيقى الإندي أو البوب، وأخذنا نتابع عن كثب أداءها على القوائم. استغرق الأمر بضعة أسابيع حتى يتعلق الجمهور بالأغنية أكثر، ثم سرعان ما أخذت تنفجر على القوائم. دخلت بقوة إلى قائمة هوت 100، وتمكنت من الوصول للمراتب الثلاثة الأولى بشكل بسرعة، ثم وصلت هذا الأسبوع إلى مركز الصدارة على قائمة أعلى 50 ليفانتين.
التجربة، إذًا، تركت أصداء واسعة لدى الجمهور، وتستحق الوقوف عندها. لذا قررنا أن نقدم لكم رأيين متناقضين حولها من داخل فريق تحرير بيلبورد عربية.
نورهان أبو زيد
في سياق ألبوم "رسائل حب"، تأتي أغنية "كلمنتينا" لسانت ليفانت كأقل المحطات تأثيرًا. لم أجد في الأغنية ما يدفعني إلى إعادة الاستماع، بل بدت لي أقرب إلى مقطع صوتي لطيف يليق بمنصات الفيديو مثل التيك توك، ترافقه لقطات لمؤثرين ظرفاء.
لا أنكر أن الموسيقى التي صاغها المنتج راتشوبر جاءت غنية ومتماسكة، وربما كانت تلك هي النقطة المضيئة الوحيدة في العمل، لكنها اصطدمت بكلمات سطحية، تفتقر إلى العمق الذي تستحقه هذه الخلفية الموسيقية. أما أداء سانت ليفانت، فبدا باهتًا ولم ينجح في إيصال حالة الخجل أو الإعجاب التي يفترض أنه يعبر عنها من خلال الأغنية.
إضافة إلى ذلك لم يضف ظهور رابر بحجم مروان موسى الكثير للعمل. طاقته بدت منخفضة على نحو مفاجئ خصوصًا إذا ما قارناه بأدائه في تعاوناته السابقة الناجحة مثل "برازيل" مع عفروتو. مروان –الذي يتمتع بموهبة لافتة في الكتابة مثلما أثبت في ألبومه الأحدث "الرجل الذي فقد قلبه" الذي تناول فيه مراحل الحزن المختلفة – لم يكن في أفضل حالاته هنا، لا من حيث الكلمات التي يؤديها ولا من حيث أسلوب الأداء، وكأن "كلمنتينا" خرجت من الاستوديو قبل أن يكتمل نضجها.
هلا مصطفى
وما المشكلة يعني بالكلمات البسيطة؟ ما من قانون يلزم الفنان أن تكون كل كلمات أغانيه عميقة ووجودية، وإلا لمتنا اكتئابًا. نحتاج أحيانًا للفرفشة والانبساط.
ثم أن الكثير من أغاني تراثنا الشعبي التي نحبها ونرددها ونرتبط بها بعمق، تتضمن كلمات غير مفهومة، أو صياغات ركيكة. فما المانع من هز الأكتاف على أنغام "قشّرت الكلمنتينا.. بنينه زي الكاتوه" (قشرت ثمرة الكلمنتينا ووجدتها حلوة مثل الكاتوه). الإيقاعات التي تبدو غاية في السهولة في "كلمنتينا"، وضعها في الواقع برؤية محكمة المنتج الموسيقي التونسي راتشوبر، الذي أتقن في تجاربه مع سانت ليفانت خلطة سحرية استوعبت التأثيرات الموسيقية -الشامية والشمال أفريقية- المرتبطة بجذور سانت ليفانت، بل وعرف هذه المرة كيف يضيف العنصر المصري ممثلًا بمروان موسى إلى المزيج بانسابية تامة.
في مقابلة غلاف بيلبورد عربية مع سانت ليفانت في فبراير الماضي، سألناه عن أغنية يتمنى لو كانت له، فأخبرنا عن حبه لأغنية "كراميلا" للمغني الفلسطيني الشعبي جبد. الأغنية كسرت الدنيا في بلاد الشام رغم أن مغنيها بقي مجهولًا نسبيًا، وذلك بفعل إيقاعاتها الراقصة القريبة من الفلكلور المحلي، وكلماتها الطريفة. ولما كان سانت ليفانت قد تمناها لنفسه، فقد نجح تمامًا في تقديم أغنية شبيهة بها، بل ونجحت بتحقيق نفس الأصداء.
*مع أم ضد زاوية خاصة، يختار فيها نقاد من فريق بيلبورد عربية إصدارًا انقسمت آراؤهم حوله، بين من أحبه ومن لم يقتنع به، ليحلله كل منهم حسب رأيه الخاص، لأن الفن فيه جانب ذاتي، يتأثر بالذائقة الشخصية، ولا يمكن الإجماع عليه.