طرح الفنان رامي جمال على ألبومه الجديد "مطر ودموع" في الشتاء على غير عادته، ليكون ثاني اصداراته لعام 2025 بعد ألبومه الصيفي "محسبتهاش"، مواصلًا تقديم اللون الدرامي الذي يسيطر بوضوح على مشروعه الغنائي خلال العامين الأخيرين.
وكان مُقررًا أن يضم ست أغنيات فقط قبل أن يضاعفها إلى 12 أغنية. وبحسب مصادر خاصة لبيلبورد عربية، فإن الألبوم يضم مجموعة من الأغاني التي سجّلها رامي منذ عام مضى، طرح بعضها ضمن ألبوم "محسبتهاش"، واستكمل البقية مع أغنيات جديدة خُصصت لـ "مطر ودموع".
الشجن صيفًا وشتاءً لدى رامي جمال
هذه الغزارة الإنتاجية تُرسّخ هوية رامي جمال الفنية أكثر مما تُشتّتها. فـ "مطر ودموع" يبدو من عنوانه إعلانًا مباشرًا لاستكمال رحلة الشجن التي يتجول فيها رامي منذ فترة، مستثمرًا أجواء الشتاء كخلفية درامية لحالات من الحزن العاطفي.
يتنقل رامي في الألبوم بين كل درجات الألم العاطفي: الريبة قبل الفراق، الندم، الأسى، العتاب، محاولات النسيان، وحتى السخرية من الحبيب العائد ورفضه. كلها دوائر عاطفية تدور حول انهيار العلاقات، وما يتبعه من دموع تُضاعفها أجواء المطر.
على مستوى الصناعة، يزخر الألبوم بتعاونات لافتة مع أسماء بارزة مثل جمال الخولي، تامر حسين، أحمد المالكي، إلى جانب أقلام جديدة على مستوى الكتابة مثل مصطفى حسن ومحمد حمدي ومحمد أبو نعمة وإبراهيم جاد.
بينما على صعيد الألحان، استحوذ رامي كملحن على خمسة أغاني، بينما شارك عزيز الشافعي وسامر أبو طالب وفارس فهمي وشريف إسماعيل وتيام علي وغيرهم. أما التوزيع حمل بصمات أمين نبيل وأحمد عبد السلام وإلهامي وأدهم دهيمة وكريم عبد الوهاب وعمرو الخضري.
تشابهات إجبارية.. أم وحدة هوية؟
فرض مناخ الحُزن الممتد طوال الألبوم تشابهات ملحوظة بين عدد من الأغاني في الموضوعات والألحان. يمكن قراءة ذلك بطريقتين: الأولى هي الهوية التي تُرضي جمهور رامي العاشق للأغاني الدرامية. والأخرى تخص تكرار محتوى قد لا يناسب المستمع الباحث عن التنوع.
السبب الأساسي لهذا التشابه هو زيادة عدد الأغنيات؛ فلو ظل الألبوم عند حدود أغنياته الستة كما كان مخططًا له، ربما كان سيحقق هدفه دون الوقوع في فخ تكرار الثيمات، مثلما حدث مع فكرة النسيان التي تصدرت أغنيات مثل "الناس كتير" و"حاولت أنساه"، أو رفض رجوع الحبيب في "ياريت متجيش" و"سلام".
"سيبوها تعيش" وروح منيب
رغم ذلك، يضم الألبوم نماذج مختلفة ولامعة داخل دائرة الهجر والفراق مثل أغنية "سيبوها تعيش" كلمات محمد غنيم ولحن فارس فهمي، حيث قدمت معالجة ساخرة للحبيب السابق الذي يدعي قوة النسيان خاصة في شطر "سيبوها تخلص الغل اللي جواها". يحمل اللحن مقام الكرد داخل إيقاع نوبي بالدفوف، مستدعيًا روح أغاني الراحل أحمد منيب، مع صياغة توزيعية محكمة من أحمد أمين.
يتعاون رامي جمال مع الثنائي تامر حسين وعزيز الشافعي في واحدة من أكثر أغاني الألبوم تميزًا وهي "مليش غيرك". لحن دافيء من مقام النهاوند يحتضن مفردات بسيطة ولافتة في التعبير عن ندم ما بعد الفراق في شطر "أشهدلك كل الحلو اللي عملتيه معايا بجد قاعدلك".
ويقدم الألبوم أيضًا تنويعات موسيقية في التوزيع، أبرزها حضور الفلامنكو الإسباني في "مليش غيرك" و"حاولت أنساه" و"كده هتموت"، حيث تتنقل الثانية بينها وبين مقامات عدة أبرزها الحجاز، مع صولو جيتار وعود بارز.
كما يقدّم الألبوم مقسومًا عصريًا بتقنيات حديثة في "كاس الحظ" و"قد الليالي"، والأخيرة من أفضل أغنيات العمل، سواء في تصاعد اللحن بشكل متقطع أو استخدام الـ"كيك" الإلكتروني لخلق إيقاع راقص وحالم في آن واحد.
متى الخروج من نفق الأحزان؟
قد يكون ألبوم "مطر ودموع" تجربة شديدة الخصوصية، يسعى من خلالها رامي لتقاسم أرض الأحزان مع أصوات أخرى مثل تامر عاشور، ولكن السؤال الذي يحتاج إجابة هو : لماذا يُصر رامي على المنافسة في ملعب واحد، رغم أن أنجح لحظاته الفنية جاءت من أغاني مُبهجة مثل "سقف" أو رومانسية مثل "بيكلموني"؟
ليس عيبًا أن يسعى الفنان لرسم خط غنائي واضح له، ولكن ما المانع من التحرر من هذا القيد لو كانت قدراته تتسع للغناء في مناطق وحالات أكثر رحابة وتجديدًا؟






