أصدر رامي جمال أغنيته الجديدة "ماليش غيرك" بعد نحو شهر فقط من طرح أغنيتي "قفل الكلام" و"مالها الدنيا"، ليبدأ بها أولى إصدارات ألبومه المرتقب "مطر ودموع" الذي يشكل ثاني ألبوماته هذا العام بعد "محسبتهاش" الذي حكى كواليسه لبيلبورد عربية في لقاء حصري بعد صدوره في يوليو الماضي في 15 أغنية من بينها تعاونات لافتة مع نوردو وحمزة نمرة وغيرهم.
يعيش رامي جمال هذا العام حالة فنية استثنائية من النشاط وصلت به إلى حد التصريح في لقائنا معه وقت إطلاق "محسبتهاش" بأنه لم يعد يترك الاستديو تقريبًا، وهو أمر يفسّر كثافة إنتاجه الملحوظة واتساع حضوره الفني خلال الفترات الماضية.
رامي جمال يروي معاناته مع الاشتياق
الأغنية كتبها تامر حسين ولحنها عزيز الشافعي ووزعها أمين نبيل. تحكي رسالة اعتراف أو مكالمة عالقة بين الماضي والحاضر يعود فيها الراوي ليلتقي بحبيبته بعد غياب طويل.
تكشف الكلمات إحساس ثقيل بالندم والافتقاد، وتصور شخصية لم تتوقع أن يُحدث الفراق فيها كل هذا الشرخ. تتصاعد فيها الحالة الدرامية مع الوصول إلى اللازمة التي يتخلّى فيها رامي عن هدوئه، يرفع طبقته الصوتية ليعترف بشئ من الانكسار أنه "مالوش غيرها"، وأن الحياة بعد رحيلها أصبحت خانقة وثقيلة عليه.
بصريًا اكتفى رامي جمال بالجلوس أمام الكاميرا مباشرة في الكليب. تلك البساطة أظهرت جانب حميمي أكثر إنسانية وقربًا للمشاهد افتقده الجمهور مؤخرًا بعد عدد من الفيديوهات التي اعتمد فيها على صور الذكاء الاصطناعي، أو الصور الثابتة.
حكم أولي
يجيد رامي جمال معالجة الحالات الدرامية من حزن وفراق وندم، يبرع في خلق تلك المشاعر منذ سنوات، يفعل ذلك بسهولة تجعله قريبًا من الجمهور. الأغنية تلائم المزاج الشتوي الذي يوقظ في المستمعين الحنين والذكرى، وتقدم تجربة عاطفية مكتملة العناصر.
كتابة تامر حسين قدّمت فضفضة مثالية مؤجلة بين حبيبين بينما نسج عزيز الشافعي لحنًا راسخًا وهادئًا يسمح لرامي بالتحرك بين القرار والجواب بمرونة وسلاسة. التناغم بين الكلمات والألحان الذي يظهر مثلًا في استعراض "الندم" ومدّه لحنيًا ليترك شعورًا بالأسى العميق. سمح بتوليفة غنائية مؤثرة.
بينما جاء توزيع أمين نبيل ليجمع الخيوط جميعها في حالة موسيقية مُحكمة لا تشعر معها أن ما تسمعه مجرد أغنية بل تجربة وجدانية صادقة. كما يمزج التوزيع بين الجيتار والعود ليمنح العمل دفئًا وطابعًا شرقيًا، إضافة إلى أن الوتريات تضاعف أثر الجراح وتمنح الأغنية عمقًا عاطفيًا أكبر.
تأسر الأغنية المستمع بهدوئها وتدعوه لتكرار الاستماع دون ملل. بدت مثل تجربة إنسانية عاشها معظمنا في لحظة ما واجهنا فيها أنفسنا بسؤال مكرر: لماذا تركنا من كان حقيقيًا ومصيري في حياتنا؟ لماذا ركضنا وراء السراب الذي خدعنا مرة تلو الأخرى دون رحمة! أو هل يمكن أن يعود الماضي؟ أو مثلما يغرّد رامي بانكسار: خسرت رهان الوقت/ بدأت أفوق دلوقت/ ونفسي تكوني سامعاني.






