أي أغنية من ألبوم آمال ماهر الجديد هي الأفضل؟ ترتيبنا لجميع أغاني الألبوم

غابت آمال ماهر عن ساحة الإصدارات لمدة، فكان لا بد لها العودة هذا الصيف بأغاني جديدة. فالفنان النشط في الحفلات، يحتاج لتحديث أرشيفه بشكل متواصل، وآمال نجمة في الأداء الحي بلا منازع.

أعلنت عن ألبوم "حاجة غير"، وجمعت فيه 8 أغاني بتعاونات متنوعة، وبمواضيع متنوعة، فالتركيز على الكلمة المغناة أمر واضح في الألبوم ولا يمكن تجاهله، حتى وإن جاء على حساب اللحن والتوزيعات أحيانًا. منح نادر عبد الله ونادر عبد الحي الألبوم شعورًا عاطفيًا أعادنا لهيتات سنوات ماضية مع إليسا وأنغام وغيرهم، وأضاف الشاعر أحمد المالكي بصمة مختلفة في أكثر من أغنية.

صوت آمال ماهر يبقى هو وحده من يلعب دور البطولة. صوت بهذا الحجم وهذه المساحة يصعب تجاهله وتطويعه، ويليق به أن تفصل الأغاني على مقاسه، لا أن يتعدل هو ليناسب الأغاني. بدناءً على ذلك، وضع فريق بيلبورد عربية هذه القائمة التي تحلل جميع أغاني الألبوم، وترتبها من الأضعف للأقوى.

رغم جودة عناصرها الموسيقية، لكن فكرة الكلمات التي ترسم الحبيب كفارس أحلام ينتشل البطلة من وحدتها ويعلمها كيف تحب نفسها، يبدو مستهلكًا بعض الشيء، أو ينتمي لمعجم لغوي قديم قد لا تخاطب صياغاته الجيل الجديد. إذ لم تعد مثل هذه الصور النمطية تجد صدى أو تمثل إحساسًا حقيقيًا لدى هذا الجيل. نجد ذلك في عبارات مثل: "مع حبيبي لقيتني رجعت من تاني / بغير شكل تسريحتي وفستاني/ بجدد حتى لون شعري وبرفاني/ وبتمرد على الوحدة وحبستها"، لكننا لا نعلم إن كانت هذه التعابير تناسب الشخصية الفنية لآمال ماهر أو باقي الحالات والصور التي حاولت تجسيدها في الألبوم.

اختارت آمال ماهر أن تفتتح إصدارات الألبوم بأغنية "خبر عاجل"، التي تعلن بها الحب كحدث سعيد في نشرة الأخبار المسائية. تقدم آمال ماهر الأغنية وكأنها عروسة كسرت جلسة نسائية، لتلقي الأخبار كمن تلوح بخاتم الخطوبة في وجه من يشكك بها. الأغنية خفيفة بكل تفاصيلها، كلماتًا ولحنًا وتوزيعًا، لكن صوت آمال ماهر يبدو أكثر ثقلًا منها، فلا يتناغم الأداء تمامًا مع باقي العناصر. 

"لو لينا عمر" تشبه رسالة موجعة، لم تكتب لتُغنى، بل لتقال بصوت خافت في منتصف الليل. النص عاطفي وممتلئ بالشجن وبتفاصيل الوحدة، لكن جمله الطويلة تُثقله غنائيًا، وتجعله مناسبًا للسرد أكثر من التلحين، وبالنتيجة يصعب أن تعلق الأغنية في الرأس. إلا أن التوزيع الموسيقي الخافت، الذي يأتي على طراز السوفت روك، يخلق خلفية صوتية متماسكة، تخفف من ثقل الجُمل. 

تأتي أغنية "يا جبروتك" راقصة وعلى إيقاع المقسوم راقصة من كلمات عليم وألحان إسلام رفعت، تتجلى فيها ملامح القوة والكبرياء التي طالما جسدها صوت آمال ماهر ببراعة وتحمل الأغنية شيئًا من روح أغنية "سكة السلامة" بل تكاد تذكرنا بها من حيث النبرة الحاسمة والرفض القاطع.

موضوع الأغنية يتمحور حول تهكم موجه لحبيب سابق يحاول فرض شروطه من جديد، فتقابله آمال بالرفض والإلغاء من حياتها، مؤكدة له أن ما يمر به الآن ليس سوى نتيجة قراراته السابقة. اللافت هنا هو التوظيف الذكي للإيقاع الراقص الذي يُشعرنا وكأنها ترقص على وجعه، وقد تجاوزته تمامًا ولم تعد تكترث بحزنه أو وجوده.

تعتمد الأغنية على جملة موسيقية قصيرة تتكرر بطريقة مونوتونية، لكن الكلمات تختطف الأغنية من فخ الملل، لتمضي صفعةً وراء صفعة، فمع كل جملة بالأغنية يتصاعد التقريع واللوم والإدانة، وتزداد اللغة جمالًا بالعبارات الشعرية التي أكدت القدرة على التخطي، مثل: "تبقوا نقطة سودا في دفاتري القديمة".

عرف الشاعر أحمد المالكي في أكثر من موقع في هذا الألبوم، كيف يقدم حالات مشاعرية مختلفة، بصور وتعابير غير تقليدية. يخبرنا في هذه الأغنية كيف يراضينا الحب ويصالحنا مع الدنيا، عبر إنسان يصبح هو كل الحياة. ينساب صوت آمال في هذا الأداء دون استعراضات أو مبالغة، ليشعرنا بالسكينة وينقل مشاعر الامتنان.

تُعد أغنية "نسيت اسمي" واحدة من أجمل محطات الألبوم، بما تحمله من توليفة موسيقية آسرة تستلهم من الإيقاعات اللاتينية وتغلفها بلمسات وترية حالمة. هذا الطابع الموسيقي انعكس بوضوح على الهوية البصرية التي أخرجها بسام الترك فجاءت الصورة مكملة لروح الأغنية.

قدّمت آمال ماهر في هذا العمل أداء سلسًا وناعمًا تغنت فيه وكأنها تبوح، بحس عال من الصدق والبساطة دون أن يغيب عن أدائها الجماليات الصوتية التي تميزها. ورغم أن النص يدور حول حنينها لحبيبها السابق، إلا أن لحظة المواجهة معه كانت كافية لتتمسك بكبريائها إلى حد وصفها لتصرفه معها بـ "قلة الذوق".

أضفت الفواصل الموسيقية التي مزجت بين النغم الشرقي واللاتيني خفة وتناغمًا رفعا من قيمة الأغنية فنيًا، وجعلها تستحق أن تكون "عالـ Repeat" الفترة القادمة.

المقدمة الموسيقية في أغنية "عقدة حياته" تسرق الأذن منذ اللحظة الأولى، حيث يشد المزج بين البيانو والوتريات الانتباه بخفة وعمق في آنٍ واحد. ورغم أن موضوع الأغنية ليس جديدًا، فهي تتناول علاقة يتجاوز فيها أحد الطرفين الماضي، بينما يظل الآخر عالقًا في دوامة الخسارة والبؤس إلا أن الصور الشعرية التي صاغها نادر عبدالله، وأداء آمال ماهر المتناغم منحت العمل خصوصية وصدقا شعوريًا.

المأخذ الوحيد ربما على الأغنية، برأينا الشخصي، هو استخدام بعض الطبقات الصوتية العالية في مقاطع معينة والتي لم تخدم الحالة بل أضعفت من تأثيرها وكأنها أُضيفت دون حاجة فعلية. ومع ذلك تبقى بعض العبارات عالقة في الذهن من بعد الاستماع الأولي مثل: "لسه أنا أكبر خسايره/ بس مش قاصدة إني أعايره/ ولا أضايقه بكلمتين" هذه الجملة تحديدًا تُجسد براعة نادر عبدالله في التقاط التفاصيل النفسية الدقيقة وصياغتها بلغة واقعية تمس القلب.

كما يخبرنا اسمها، فأن إغنية "حاجة غير" هي فعلًا غير كل أغاني الألبوم. فبينما تنشغل باقي الأغاني برسم حالات حب تبدو واقعية، بخذلانها ومرارتها وشروطها الأرضية التي نألفها، تنسحب أغنية "حاجة غير" من سياق الألبوم، إلى عالم أكثر رومانسية. آمال ماهر تحافظ على شخصيتها الواقعية بالسؤال: "دا حلم ولا علم؟/ اللي إحنا فيه دا أو تهيؤات؟" وتجيب لترسم الإطار الجمالي الخاص بالأغنية، الذي يمزج بين الرومانسية والنوستالجيا، ويبني المشاعر على عالم لم نعشه فعليًا ولكننا نألفه جيدًا: "اللي إحنا فيه دا فيلم/ رومانسي من زمان الخمسينات".

 في "حاجة غير" لا جراح تنزف أو تضمد، لا كرامات تهان أو تسترد، لكن شجن صوت آمال ماهر يبقى حاضرًا، يتناغم مع خطوط الوتريات الرقيقة التي يرافقها بيت إلكترو خفيف، يحرك المشاعر بدفء. إنها الأغنية الأكثر حلمًا ورقةً في الألبوم، وكانت آمال ماهر محقة باختيار عنوانًا للألبوم.

أبرز وأكثر من يلفت في أغاني الألبوم الجديد، كان التركيز على اختيار الكلمات والمواضيع. سمعنا أغاني الحب والأمان في الحب، وثيمات الخسارة والانكسار والعتب، ثم جاءت أغنية "مضمونة" بالجرعة المثالية من الدراما. ورافقها فيديو كليب يوازيها بالجرعة الدرامية، بدا كفيلم قصير، من إخراج سمير سرياني، وبطولة الممثل اللبناني إيلي متري.

كيف تصبح مشاعر المرأة في العلاقة العاطفية أمرًا مسلمًا به؟ وكيف تعبر عن حاجتها في أن تكون مرئية؟ "ولا مرة على بالك خطر/ إنك قريب من الخطر/ لازم تخاف إنك في يوم تناديني ما تلاقينيش" تغني آمال في ذروة أدائها الدرامي في الألبوم، لتكون هذه أكثر أغنية تعرف آمال كيف توظف فيها صوتها لخدمة الأغنية، لا العكس.

اشترك في كتابة هذه القائمة كل من عمر بقبوق ونورهان أبو زيد وهلا مصطفى.