بدأ موسى مسيرته في سن مبكرة، حيث أصدر أول تراك له بعنوان "جوا عقلي 2" وهو في الخامسة عشرة. حمل هذا الإصدار غضبًا تجاه الظواهر الاجتماعية المحيطة به، من تربية الأهل الصارمة إلى صعوبة التكيف مع منظومة التعليم. كما أسس التراك أهم قاعدتين لازمتا مسيرته فيما بعد: الأولى، أنه لن يُلزم نفسه بأن يكون جزءًا من أي منظومة أو مشهد طالما لم يشعر بالارتياح فيه. أمّا الثانية فهي أن مدينة الإسماعيلية مسقط رأسه، وستكون مركز مشروعه الفني ومصدر إلهامه، سواء في المصطلحات المستخدمة في باراته، أو في دمج تجربته الشخصية بالبيئة الساحلية وتأثيراتها الموسيقية.
أسلوب موسى سام بين التجربة الشخصية وبيئة الإسماعيلية
بعد عامين من إصدار "جوا عقلي 2"، قدم موسى ميكستايب "O.V" عام 2018، الذي اعتبره العديد من مستمعيه أفضل أعماله. رغم الانتقادات لأسلوبه الأدائي والكتابي، قدم الألبوم معالجة مكثفة لمخاوف المراهقة وبدايات الشباب، مع موقف صريح تجاه القسوة الاجتماعية والعائلية، كما ظهر ذلك في تراكات مثل "أونسي" و"مفيش".
ربط موسى بين واقعه الشخصي وأزمات مدينة الإسماعيلية المهمشة، كاشفًا عن نضج مبكر وفهم أن تجربته الفردية تنبع من واقع جماعي. وأضاف للألبوم ثقلًا موسيقيًا من خلال تعاونه مع المنتج علي سعد، الذي مزج الإيمو والتريبي تراب مع ألحان بطيئة وأداء صوتي تمثيلي مليء بالانفعالات.
أخرج سام تجربته للشارع ليدمجها بقاموسه الخاص. الإصدارات التي تلت ألبوم "O.V" في 2019 و2020 وبدايات 2021 مثل "عوجة لسان"، "عسلية"، "الصوت فيه مدى" و"جعجع"، حملت مصطلحات مميزة قدمها في باراته دون فلتر.
كما حضرت بيئة الإسماعيلية الساحلية بقوة في أعماله، من تأثير المياه المالحة على البشرة إلى ربط الموسيقى بالمحصول المحلي مثل المانجو، أو التباهي بأن أسنانه تلمع كآلة السمسمية. تميز إنتاجه الموسيقي في تلك الفترة بالدمج بين الدريل والتراب والشعبي والمهرجان، ما وضع اسمه على التقاطع بين مشهدي المهرجانات والهيب هوب.
"سحابة" بين الواقع والأحلام
أضاف أيضًا سام لأسلوبه الكثير من الصور والتعبيرات مطعمة بأوصاف تشريحية جسمانية دقيقة التي ترجع لكونه قد درس الصيدلة من قبل، وهو ما يثري خيال المستمع ويحفز تصوراته البصرية الشخصية.
في حوار عام 2021 بعد صدور ألبوم "سحابة"، فسّر موسى معنى المصطلح في إصداراته النفسية قائلاً: "السحابة مفيش حاجة بتشيلها، مفيش حد بيوجهها في اتجاه، هي سحابة، قايمة بالإرادة الإلهية، ممكن تكون انت شخصيًا سحابة". يعكس هذا التعبير ألمه النفسي والأزمات الشخصية والاجتماعية، حيث يتحرك أحيانًا للهروب إلى عالم حالم يحقق فيه أهدافه، وأحيانًا يكون واقعيًا وشديد الملاحظة.
أضاف سام لأسلوبه صورًا وتعبيرات مطعمة بأوصاف طبية دقيقة، مستفيدًا من دراسته للصيدلة، ما يثري خيال المستمع ويحفز تصوراته البصرية.
اقتربت التصورات البصرية لكليبات "استاكوزا" و"غيوم" من ثقافة الشباب الذي يحب أن ينعزل عن محيطه، بينما حضرت الإسماعيلية بقوة في كليب وتراك "سفينة". مال الإنتاج الموسيقي إلى استخدام الدريل والتراب مع مؤثرات صوتية حية، للحفاظ على الثيمة النفسية وإتاحة مساحة أكبر للأداء الصوتي لموسى.
ثنائية موسى سام وجلبه: بداية التعاونات
لم يقدم سام حتى ذلك الوقت أي تعاونات مع أسماء تجارية من مشهد الهيب هوب أو المهرجانات، لكن ثنائيته الموسيقية مع المنتج جلبه في إصدارات مثل "جعجع" و"عسلية" أثبتت قدرته على التلون وفرض أسلوبه الخاص. وبرز هذا الأسلوب بشكل واضح في تعاونه الأول مع أبو الأنوار في تراك "عساس"، سواء في أسلوب الأداء أو في التأثير على الشكل العام للتراك، بما في ذلك الإنتاج الموسيقي الذي تولاه ليل بابا.
تبع هذه التجربة إصدار ألبوم "مقسوم" نهاية عام 2021، حيث اتجه موسى بالتعاون مع جلبه إلى جنرا المهرجانات، مع حضور أوسع للدريل والتراب، مانحًا نفسه مساحة أكبر للفلكسينغ وإبراز علاقته بمدينته. لم يحمل تراك "القوة" سردية متتابعة كما في أعماله السابقة، ولم يعكس حالة نفسية محددة، لكنه جمع خبرات الشارع وحكمه، مع تباهي احتفائي بالإسماعيلية، خلافًا لاستخدام المدينة سابقًا في التبجح أو نقدها كمدينة مهمشة خارج المركز.
في عام 2022، أصدر موسى ألبومًا قصيرًا بعنوان "النجم الساحلي"، مشيرًا إلى مكانته كنجم في مسقط رأسه الساحلي. حمل الألبوم طابعًا شعبيًا في كلماته وعناوين تراكاته، رغم اعتماده الأساسي على موسيقى الدريل والهاوس. انتشر على نطاق واسع تراك "اصحالي يا برنس"، بالتعاون مع المنتج تايجر، معتمدًا على لحن تراب شعبي متأثر بأسلوب نبطشي الأفراح، حيث ارتجل موسى جملًا مقتضبة وتنويعات لإبقاء الجمهور متفاعلًا.
مع مرور الوقت، أصبح اسم موسى سام مطلوبًا في تعاونات مشهد الهيب هوب المصري. فقد قدم تراك "سيب نفسك" مع الموند من ألبومه "انتفاضة"، و"حبة فوق" مع أبيوسف وأبو الأنوار من ألبوم "حبة فوق / حبة تحت" العام الماضي، و"مش موجود" بالتعاون مع مروان موسى من ألبومه الأخير "ماتادور". كما تعاون مع السادات في تراك "ماشي عالمية"، الذي تحوّل هذا العام إلى الأغنية الرسمية لمسلسل "برستيج".
يصف موسى سام نفسه في مقدمة تراك "خفاش": "الخفاش بيحب يبقى حر، حتى لو انت خايف منه أو شايفه غلط، هو مش شايفك أصلًا، هو عميان مش شايف قدامه، رايح يعمل مهمة". وربما يكمن سر مكانته المميزة في مشهد الهيب هوب والمهرجانات في هذا النهج، كونه يتصرف مثل الخفاش: لا يحسب خطواته وقراراته بمنظور تجاري أو وفق مسطرة التطور المهني، بل يترك "سحابته" تنقله إلى المساحة التي يبدع فيها في لحظتها.