منذ بداية العام، كشف تامر حسني عن تعاونات شديدة التنوع ضمّها إلى أرشيفه من الشامي إلى رضا البحراوي وكزبرة. وبعد أن انتشرت الأخبار عن تعاونه في أغنية "الذوق العالي" مع محمد منير في ألبومه الصيفي الجديد "لينا معاد"، صدر الألبوم لنشهد مفاجأة أخرى مع تعاون مختلف تمامًا. يضع تامر نفسه مرة جديدة بين الداعمين للجيل الجديد، والمستفيدين منهم في الوقت ذاته، فيتعاون مع الرابر كريم أسامة والمنتج الموسيقي الوايلي في تراك "هو ده بقى".
اختيار في محله
منذ بداية فيديو كليب الأغنية المصور في استديو تسجيل، نلاحظ تامر واقفًا وراء الوايلي، الذي يركز على جهازه لإنتاج التراك، مانحًا إياه المجال الكامل ليشكل موسيقى التراك على يديه، قبل أن يدخل كريم أسامة ليأخذ دور الافتتاح في الغناء ويتبعه صوت تامر بانسجام غير متوقع.
بدا تامر مرتاحًا جدًا مع نفسه، وهو أمر يظهر بوضوح من خلال الطريقة التي سمح بها لكريم أسامة بكتابة كلماته. حملت الكلمات طابع شعبي وعفوي ولكنه متماسك في البناء الشعري رغم بساطتها الظاهرة، حيث يستخدم أسامة أسلوب التكرار والتلاعب بالعبارات لإيصال إحساس الجرأة والتمرد، ولم ينسى أن يضع لمسة الكوميدية الخفيفة التي تلتصق بأغاني تامر.
رغم صغر سنه وتجربته، لكن كريم أسامة أصبح معروفًا في السين المصري بكتابته التكتيكية وقدرته على صياغة بارات حادة كما فعل في تراك "نزلة السمان". كما يمتاز بأداء صوتي مرن وفلو محسوب جعلاه يفرض نفسه سريعًا منذ ألبومه القصير الأول "عودة الابن الضال" في 2023.
أما الوايلي، فقد خلق هوية إنتاجية خاصة به، استندت إلى التأثيرات المحلية وتطويرها عبر تقنيات الموسيقى الإلكترونية. يمزج في إنتاجاته بين مقاربات موسيقية متعددة، حيث يحاكي بصوت الكيبورد جملًا قصيرة تروي قصة بالألحان، بينما يستمد إيقاع الدرامز تلويناته من الإيقاع الشرقي.
حكم أولي
على صعيد الأداء الصوتي، غنّى تامر بأسلوب كريم أسامة والعكس كذلك، في تداخل يبين ثقة متبادلة وتوزيع مرن للأدوار. منح تامر زمام القيادة لكريم دون تردد، ليسير الاثنان بتناغم على إيقاع الوايلي، الذي صاغ تراك صيفي راقص يقوم على درامز شرقي محكم. طعَّمه بلمسات تجريبية وصوت الكيبورد الذي يميّز هويته الويلي الإنتاجية، في مزج ذكي بين البوب وصوت الموسيقى المستقلة.
على عكس تجارب سابقة حاول فيها تامر حسني الاقتراب من مشهد الهيب هوب، كما في تعاونه مع سنوب دوغ في أغنية "سي السيد"، أو مع زاب ثروت في تراك "معلش" قبل نحو عام، تأتي "هو ده بقى" كتجربة أكثر اتساقًا مع هويته وأقرب إلى مشهد الهيب هوب المصري من أي تجربة سابقة.
لا يكتفي هذا التراك بجمع ثلاثة أساليب مختلفة في أغنية واحدة، بل يمسح الكثير من الحدود الفاصلة بين التيارات الموسيقية في مصر، ويمنح جمهور البوب فرصة لاكتشاف صوت آخر، مليء بالجرأةً والمرونة. وربما للمرة الأولى، سنسمع صوت الويلي وكريم أسامة يُبث خارج مساحات السين على الراديو، في الأعراس، أو حتى في قوائم التشغيل الصيفية لأغاني البوب.
بعد أشهر من تقديم التعاونات، وتكليلها مع صدور الألبوم بهذا التعاون تحديدًا، يحتسب لتامر انحيازه في كل مرة إلى الروح والعمل الجماعي. انتقاؤه لتعاوناته بهذه العناية يشعرنا وكأنه ذلك الطالب في المدرسة، الذي يبقى في صحبة المتفوقين والأذكياء، فإن تراجع مستواه ولو قليلًا، دفعته المجموعة إلى مستويات أفضل.