في آخر حفل جماهيري لفرقة المصريين بقيادة هاني شنودة مع الرابر زياد ظاظا، سمع الجمهور نسخة حية لنغمة مميزة في الذاكرة وهي "لونجا 79". أكثر من أربعين عامًا على صدورها، وما زالت المقطوعة تتجدد، برحلة فريدة وخاصة مرت بمراحل متعددة.
"هي مزيكا حظها حلو ..انا عملتها وسميتها 79 .. بعدين شوية سموها الكاميرا في الملعب … أو الشعب سماها الكاميرا في الملعب .. بعد شوية بقا الجولدن جلوب .. هي لوحدها عمالة تمشي في حتت"، هكذا يصف هاني شنودة مقطوعة لونجا 79 الصادرة ضمن ألبوم "حرية" لفرقة المصريين عام 1979.
بالرغم من أن لكل جمهور اختياره المفضل من أعمال هاني شنودة، فإن مقطوعات اللونجا بالأخص (مثل لونجا 58، لونجا 85، ولونجا 79) تميّزت بحضورها اللافت في ذاكرة المصريين، وباتت تُستخدم باستمرار في الإذاعة والتلفزيون، وتخترق الثقافة الشعبية حتى يومنا هذا.
ثلاثي النغمات الرياضية
عرفت الثقافة الشعبية الكروية المصرية قبل زمن الدِش (البث عبر القمر الصناعي) ثلاث نغمات أيقونية حضرت كمؤثر موسيقي مصاحب أو تتر للفعاليات الكروية والبرامج الرياضية على القنوات التليفزيونية المحلية.
أولها كانت مقطوعة بلا عنوان لعمر خورشيد، أصبح الاسم الشعبي لها "اللقاء الدولي"، استعملت كنغمة افتتاحية لمباريات الدوري المصري والمباريات الدولية في السبعينيات. النغمة الثانية كانت مقطوعة لاتينية بلا اسم رسمي ارتبطت بكأس العالم 1986 واستُخدمت حتى التسعينيات.
أما "لونجا 79" فأصبحت التتر الأشهر لبرنامج "الكرة في الملعب"، البرنامج الرياضي الرائد الذي غطى فعاليات كرة القدم والرياضات الشعبية، وقدمته أسماء بارزة مثل قطب عبد السلام، مصطفى عبده، وحازم الشناوي.
"لونجا 79" و"اللقاء الدولي" ظهرتا في إطار تجريبي لتحديث الشكل الموسيقي الشرقي بإيقاعات غربية أسرع وأكثر حيوية. استخدمت الأولى الجيتار الكهربائي، بينما انطلقت الثانية من القالب الأصلي للونجا الكلاسيكية مطورة إياها بعناصر من الفانك والجاز لتعطيها طابع راقص ومليء بالحركة، وهو ما التقى مع الطابع الحيوي والديناميكي للرياضات وخاصة كرة القدم.
من الكاميرا في الملعب إلى الجولدن جلوب
الارتباط القوي للمشاهدين بـ"لونجا 79" منحها هوية كروية خالصة. يقول شنودة: "الشعب سماها الكاميرا في الملعب". وسرعان ما أصبحت مرافقة للكثير من البرامج الساخرة والاسكتشات مثل "الفرنجة".
لكن المفاجأة الكبرى كانت في عام 2018، حين استعان بها الفنان والكاتب الأمريكي المصري رامي يوسف في تتر مسلسله الشهير "Ramy"، تعبيرًا عن جذوره الثقافية المصرية. وحين فاز رامي بجائزة الجولدن جلوب، عُزفت "لونجا 79" أثناء صعوده لاستلام الجائزة. وفي عام 2024، ظهرت المقطوعة مجددًا في مسلسل "حالة خاصة" في 2024.
هكذا صمدت "لونجا 79" أمام الزمن، واحتفظت بزخمها، وانتقلت من الملاعب إلى الجوائز العالمية، لتصبح رمزًا موسيقيًا متعدد الطبقات، يمزج بين الروح الشعبية المصرية والانفتاح على العالم.