بكلمة واحدة لا أحد يعرف معناها، وبلحن راقص وكليب يجلب روح الصيف إلى داخل الاستوديو، يعود محمود العسيلي ليذكّرنا أن العبث أحيانًا يكون أكثر جدوى من المنطق. "تراباتاتي" ليست مجرد أولى أغاني ألبومه الجديد، بل تجربة صوتية خاصة، تراهن على عدوى الفرح واللاجدية.
فهل نجح العسيلي في اختراع لازمة جديدة تلتصق بالأذهان مثلما فعل في أغاني سابقة؟ أم أن "تراباتاتي" كانت مجرد محاولة باهتة لإحياء وصفات قديمة فقدت بريقها؟ فريق كتاب بيلبورد عربية انقسم حول الإجابة. وإليكم النقاش:
عمر بقبوق
في "تراباتاتي"، يعود محمود العسيلي إلى معادلة ناجحة سبق أن اختبرها قبل نحو 20 عام: اللعب على حافة المعنى، والمراهنة على الإيقاع والإحساس أكثر من الوضوح الحرفي.
لجأ إلى هذا الأسلوب في بداياته، بأغنية "تررررم"، التي كانت من أسباب شهرته. ربما بسبب عنوانها الغير متوقع. واليوم يستحضر العسيلي هذا المزاج نفسه مجددًا في أولى أغاني ألبومه الجديد: ليخلق حالة من العبث والدعابة المُغنّاة فوق إيقاع صيفي راقص؛ ليثير فضول الجمهور حول الألبوم.
السياق العام للأغنية يبدو مستمدًا من موقف يومي وعادي: مكالمة طلب "أوردر". لكن الحوار يتفلت من الواقع إلى عالم ساخر ومبالغ فيه عمدًا. يسأل العسيلي عن الأوردر ويطلب "حاجات لذيذة من الصنف ده"، كلها كلمات فضفاضة تزيد العشوائية التي تكرر في اللازمة مع كلمة "تراباتاتي". كل ذلك نسمعه مع خلفية موسيقية مرحة تتصاعد وتخفت مثل موجات البحر. والكليب بدوره يكمّل هذه الأجواء، إذ يستحضر أجواء البحر داخل الاستوديو، وكأنه يطلب الحياة الصيفية الممتعة إلى الاستوديو، كما لو كانت وجبة سريعة يسهل الحصول عليها.
الجميل في التجربة أن العسيلي لا يسعى لإقناعنا بشيء، بل يدعونا ببساطة للرقص وسط الفوضى. لا يقدّم دراما، ولا يدّعي العمق، بل يذكّرنا أن الأغنية أحيانًا لا تحتاج أكثر من فكرة لامعة، وكلمة واحدة غريبة لتصير لازمة على الألسنة.
يوسف علي
أحبطتني "تاراباتاتي" من أول استماع. فلم يستغل العسيلي دَفعة إصداراته الهيت في الموسم الرمضاني، مع أغاني "حبيبي وابن حبيبي" و"كل سنة" و"متجوزين"، لرفع عيار الأداء في إصداراته الصيفية التي يتميز عادةً بها.
على عكس المعتاد منه نجد الأغنية تعاني من بعض الترهل في أسلوب تنفيذ اللحن. تنتقل بنا الأغنية من مدخلها للذروة بشكل مباشر دون تصاعد ودون جسر يوصلنا للهوك.
يكرر العسيلي أيضًا اعتماده على ثيمة الاحتفال والفرفشة، والغناء لأصحاب الروح الحلوة، دون أي تجديد في الكلمات أو السردية، بل إن بعض المفردات والقوافي جاءت متوقعة، مثل "طالبين لذاذة/ من غير لماذا".
ينعكس ذلك حتى على أداء العسيلي، الذي يحاول فيه ملاحقة اللحن في بعض المقاطع، عكس مثلًا أغنية "حبيبي وابن حبيبي"؛ حيث كان قادرًا على الانتقال من مستوى صوتي لآخر بسلاسة ودون أن أشعر أنه يحاول دفع الأغنية دفعًا.
لربما فضلتُ نسخة العسيلي الشتوية هذا العام على نسخته الصيفية، لكن الألبوم الكامل قادم قريبًا، والمزيد من الأغاني يمكنها أن تلعب دور الفصل.