قبل نحو أسبوع، وبشكل مفاجئ من دون أي تمهيد، كشفت مجموعة تضم عشرة من أبرز مغني الهيب هوب ومؤدي المهرجانات عن مشروع موسيقي مشترك بعنوان "نادي المجال السري". وقد استلهم تصميم الإعلان من قائمة مقاتلي لعبة مورتال كومبات الشهيرة، ما ترك الجمهور والمتابعين في حالة ترقّب وتساؤل عمّا إذا كان المشروع عبارة عن ألبوم جماعي يضم تعاونات متعددة بين هذه الأسماء، أم تراكًا واحدًا فقط يجمعهم جميعًا.
وبعد صدوره يوم الأربعاء الماضي، تكشف لنا بأن "نادي المجال السري" كان تراك "سايفر"، ضم فيفتي ومروان موسى وزياد ظاظا ودقدق وفانكي (ثنائي الصواريخ) وزوكش ويانج زوكش (ثنائي الدابل زوكش) وعفروتو وأورتيجا وشحتة كاريكا، ومن إنتاج فانكي. يؤدي فيه المشاركين فيرسات شديدة القصر في قالب ارتجالي على لحن مهرجانات.
التراك الذي بدأ بفيرس لعفروتو تميز بالانتقالات السلسة بين فيرسات المؤدين، مركزًا على التبجح والتلاعب بالكلمات لخلق بارات ذكية دون الخروج عن الفلو الخاص بكل مؤدي، وتضمنت بعض البارات تكملة أو رد على بارات الرابر / مؤدي المهرجانات السابق في الأداء، فيكمل زوكش على بار عفروتو بقوله "روحت لعفرت عالمدريد" ردًا على بار عفروتو "وانا حاجز طيارتي من مدريد لأسوان"، أو حتى المبادرة بابتكار بارات على مؤدين آخرين دون وجود بار للرد عليه مثلما فعل دقدق في مقطعه بقوله "الألماني نساني الصيني"، إشارة لمروان موسى الذي يطلق عليه الصيني.
تضمن السايفر أيضًا العديد من المفاجآت مثل أداء أورتيجا لفيرسه في فلو سريع للغاية مشابه لفلو الأولد سكول هيب هوب، واستعادة شحتة كاريكا لواحد من أيقونات جنرا المهرجانات وهو مهرجان "الذبابة" من إنتاج عمرو حاحا.
الإسم المؤسس للمجال يبحث عن طرق جديدة لإنعاشه
أمام العديد من الإنتقادات الموجهة لجنرا المهرجانات وخاصة لموجة الأولد سكول منها بتكرار الإنتاجات، أو قلة الإصدارات، يبدو فيفتي غير متسرع في اتخاذ قراراته الموسيقية القادمة، وكأنه لا يريد أن يثبت شيئًا لأحد، حيث قدم إصدارات معدودة في السنتين الأخيرتين، لكنها مميزة للغاية؛ سواء إصداره الصوتي المشترك مع السادات "مين دول" والذي تضمن عينة موسيقية في بدايته مأخوذة من التراك الأيقوني لفرقة إم أو بي "Ante Up"، أو كليب ومهرجان "سترانا " لمخرجه عمر دونجا، والذي قدم صورة واقعية غنية بالتفاصيل الفنية وتمثل الطبقات الفقيرة في قلب القاهرة. كما أصدر بالعام الماضي كليب "حملة" والذي أتى بالمشاركة مع أورتيجا وشمل ظهورًا بصريًا لكل من مروان موسى وزياد ظاظا وكريم أسامة والوايلي وميكي وفيلو وسولسيزر وريف والسويسي وفيتو، وقال الوايلي على مشاركته بالكليب أن ظهوره كان تحية وفاء لواحد من الأسماء المؤسسة لمشهد المهرجانات.
حكم أولي
الانتقال السلس بين البارات لمؤدين من اتجاهات موسيقية مختلفة وأجيال مختلفة كان مميزًا للغاية، وليس من السهل أن نضع كل تلك الأسماء في سلة واحدة وأن لا يؤثر ذلك على مقاطعهم أو يقتطع من شخصيتهم الموسيقية أو البيرسونا الخاصة بهم، وهذا ما لم يحدث هنا، حيث ضمن الإنتاج الموسيقي لفانكي سيادة الطابع الموسيقي للحن المهرجانات في كل المقاطع، مع ضبطه على فلوهات المشاركين.
خلقت فكرة بناء بعض المؤدين على بارات رفاقهم في التراك حالة "صد - رد" مميزة، خاصة مع تبادلها بين مؤدي مهرجانات ورابرز، وكأنها تحية متبادلة بين الجنراتين، وتذكر المستمعين بالعلاقة المتبادلة طوال مراحل تطورهما، والتي نتج عنها العديد من الإصدارات الضاربة والمؤثرة.
لم اتفهم قِصر مدة السايفر رغم ذلك؛ أقل من أربع دقائق شارك فيها عشرة مؤدين، بين أنه من الطبيعي والمتعارف عليه أن يكون السايفر أطول كمدة رمنية حتى يأخذ الجميع راحتهم في إلقاء الفيرسات. ربما لو طالت مدة التراك لأعطى ذلك مساحة أكبر للابتكار. كان يمكن استغلال مدة التراك القصيرة لوضع تحديات أو إخراج المشاركين من منطقة راحتهم، مثل أن يؤدي رابر فيرسه بقاموس وفلو المهرجانات والعكس، أو أن يرتبط السايفر بثيمة مفروضة ترتبط بالتفاخر بالانتماء أو تعتمد على الحديث عن البدايات أو الإرهاق النفسي مثلًا، وجود السايفر في قالب محدد كان سيعطيه قوة ويعزز مكانته كإصدار فريد من نوعه.