في أول تعاون يجمع بيني آدم ولارتيست، يقدم لنا الاسمان أغنية "فاش كتشطح"، عمل يستحضر أجواء الكباريه المرتبطة بمدينة الدار البيضاء، بلمسة من الحسية والحنين.
خلفيات وتراكم الخبرات الموسيقية
تجمع الأغنية بين اسمين من المشهد المغاربي لكن من خلفيات مختلفة، ما يجعل هذا التعاون تجربة متنوعة. قدم بيني آدم هذا العام إصدارات مثل "براد قهوة غاتو" و"موك يا موك" مع خديجة الورزازية، حيث اعتمد في أعماله على أساليب مرتبطة بالراب والآر-أند-بي، مدموجة بتأثيرات محلية مستمدة من الموسيقى المغربية.
من جهة أخرى، اشتهر لارتيست ضمن موجة الأسماء التي أعادت تشكيل البوب المغاربي، حيث دمج في أعماله بين البوب وألحان الشعبي المغربي، كما ظهر ذلك في أغانيه مثل "بوهالي" و"زرزور". هذا الجمع بين أسلوبي الفنانين يظهر تقاطعات موسيقية متعددة: بين الأداء الفردي والارتجال الصوتي عند بيني آدم، وبين النبرة الدرامية والتعبيرية عند لارتيست.
كما يُظهر أن التعاون في "فاش كتشطح" جاء بعد تراكم خبرات موسيقية مختلفة لكل فنان، ما أتاح للأغنية أن تجمع بين عناصر البوب والشعبي في تجربة واحدة.
الكليب وتجسيد أجواء الشعبي المغربي
يلعب كليب أغنية "فاش كتشطح" دورًا محوريًا في نقل أجواء الأغنية وإبراز تفاصيلها البصرية والموسيقية. يبدأ بمقدمة سردية تصف أسطورة مغربية بصوت راوي، تمهيدًا لدخول بيني آدم في سيارته إلى فضاء الكباريه، حيث تبدأ القصة الموسيقية والبصرية للأغنية.
يظهر لارتيست كمغني يؤدي على خشبة الكباريه، برفقة الفرقة الموسيقية التي تشبه فرق الشعبي، وتعرف عادةً باسم "أوركسترا"، وتسمى هكذا ليس بالمعنى الغربي للأوركسترا الكلاسيكية، بل كمجموعة من العازفين المؤلفين من آلات متعددة يقدمون الشعبي في الأعراس والمناسبات والنوادي الليلية.
تشاركه المسرح حجيبة فهمي بدور الراقصة، التي اشتهرت سابقًا بمشاركتها في عروض راقصة عالمية، من بينها عرض "Lemonade" مع بيونسيه سنة 2016، ما أضاف طبقة من الخبرة والحركة الاحترافية على الأداء الراقص داخل المشهد.
يمتاز الكليب بتوظيف التأثيرات البصرية لإعادة إحياء شكل الكباريه المغربي التقليدي، وهو الفضاء الذي خرج منه النوع الشعبي المغربي الذي تعتمد عليه الأغنية. تم تصميم حركة الكاميرا لتتبع الرقصات الديناميكية والمليئة بالحركات غير المتوقعة للراقصة، مع التنقل بين زوايا مختلفة لتسليط الضوء على التفاصيل الدقيقة في الأداء وحركة الفنانين.
حكم أولي
تنجح أغنية "فاش كتشطح" في استحضار أجواء الكباريه المغربي، لاسيما المرتبطة بمدينة الدار البيضاء. يقدم بيني آدم أداءً أكثر نعومة ولحنية مقارنة بأعماله السابقة ذات الفلو الذي يقترب من الراب. بينما يضيف لارتيست حضوره الدرامي المعتاد، ويبرز تحكم عاطفي ورهافة في التعبير بطبقات صوته الجذابة.
ترسم الكلمات صورة امرأة حرة لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها، حيث يتحول رقصها إلى قوة قادرة على التأثير والسيطرة على من ينجذب إليها. هذا التوتر بين الرغبة والإعجاب والخطر يضفي على النص غموضًا مقصودًا، يجعل جاذبيتها في الوقت نفسه ملهمة ومهددة.
تعيدنا الموسيقى إلى جو الشعبي المغربي، مع تأثيرات واضحة من إيقاعات الأوركسترا الشعبية مثل أوركسترا جدوان، التي كانت واحدة من أشهر فرق هذا النوع. لكنها مع ذلك تأتي بإيقاع متطور يدمج اللمسات الإلكترونية، مصحوبًا بصيحات "أها أها" التي تكشف عن انسجام الفنانين مع الإيقاع.
يمكن القول إن "فاش كتشطح" هي أغنية بوب مغاربي متقنة، نجحت في المزج بين التراث الموسيقي المغربي والتجديد الإبداعي، لتقدم تجربة جذابة تجمع بين النوستالجيا والجاذبية الفنيّة.