في زمنٍ تمتلئ فيه الساحة بالأغاني العاطفية المتكررة، قررت ريم أن تغيّر الاتجاه. لا تحكي في "مينيموم" عن قلب مكسور، بل عن عقل يحسب خطواته. لا تنتظر من ينقذها، بل تكتب بنفسها سيناريو الصعود.
أطلقت ريم أغنيتها الجديدة "مينيموم"، بعد سلسلة من الإصدارات هذا العام مثل "تاج لي واتاني" و"ميدالية". لكن يمكن القول إن "مينيموم" ليست مجرد أغنية صيفية خفيفة، بل لحظة فاصلة في مسيرتها، تفتح بها فصلاً جديدًا من التطلعات والإنتاج المستقل، وتقدّم فيها صورة أكثر وضوحًا لنوع الفنانة التي ترغب أن تكونها اليوم.
ريم التي بدأت مشوارها قبل حوالي ثلاثة أعوام بأغاني مثل "ستيلو ورقة" و"هو"، نجحت منذ البداية في تثبيت حضورها بين فنانات جيلها في مشهد البوب المغاربي. أما بعد مقتل زوجها في 2024، فحملت أغنياتها التالية ملامح من الحزن والصدمة، كما في "ضحكة صفرا" و"23". لكن هذا العام، بدا أنها تتحرّر تدريجيًا من تلك المرحلة، لتقدّم أعمالًا ذات طابع رومنسي وخفيف.
في "مينيموم"، فتبتعد ريم للمرة الأولى عن نبرة الطرح العاطفي التقليدي، لتكتب وتؤدي عن السعي المباشر نحو المال والثقة بالنفس والمشوار العصامي.
تحديات الاستقلال والجرأة
تحكي ريم في "مينيموم" التي كتبتها ولحنتها بنفسها عن بدايتها من الصفر وتصميمها على الوصول، مؤكدة أن المال هو المحرك الواقعي رغم العواطف. تقول بثقة "ما كيخلعنيش نبدأ من الزيرو/ كاتهمني غير الحاجة اللي فيها النيميرو"، لتعلن شروط لعبتها بصوت مرتفع، بأنها لا تنتظر أحدًا بل تصنع فرصها بنفسها.
أما على المستوى الموسيقى، فقد تولّى زاك كوزموس الإنتاج والتوزيع، فجاء الصوت مشبعًا بلمسة إلكترونية راقصة، تُقارب شكل الأفروبيتس من حيث الإيقاع، وتقترب من روح الراب في المباشرة والوضوح.
شارك أنطوني سيريوس، رجل الأعمال والمؤثر الفرنسي المعروف، في مشاهد الكليب مع ريم. أثار الفيديو جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا بسبب طبيعة المشاهد التي تظهرهما كحبيبين، فانقسمت ردود الفعل بين من اعتبر الكليب خطوة جريئة وطبيعية لفنانة تواكب العصر، وبين من استمر باتهامها بعدم احترام ذكرى وفاة زوجها، فيما اختارت ريم وفريقها الابتعاد عن الرد المباشر.
حكم أولي
لا تحمل "مينيموم" تعقيدًا أو عمقًا موسيقيًا، لكنها لا تدّعي ذلك أصلاً. هي أغنية صُممت لتبقى في البال، بإيقاعها وصورتها وأسلوبها الخفيف. لكن يمكن القول أنه هناك فرصة ضائعة، حيث كان يمكن للمنتج أن يعطي للمساحات الصوتية اتساعًا أكبر، وأن يسمح للآلات أن تتنفس أكثر. كما أن هناك تكرار إيقاعي ملحوظ يجعل الأغنية تفقد زخمها في الثلث الأخير.
لكن من تابع ريم في أغنيتها السابقة "ميدالية" سيلحظ أن "مينيموم" تمثل تحوّلًا واضحًا في المزاج والأسلوب. ففي "ميدالية"، قدّمت ريم شخصية حالمة، تبحث عن علاقة دافئة مليئة بالحنان والاهتمام، مستخدمة لغة ناعمة وجرعة عالية من الرومانسية. أما في "مينموم"، جاء صوتها أكثر صلابة والكلمات أكثر مباشرة، والسرد أقل حميمية لكنه أكثر واقعية.
وسط هذا كله، تقدم ريم مشروعًا يضعها في موقع مختلف: شابة تصنع صورتها بنفسها، لا تُخفي تطلّعها للنجاح، وتتقن اللعب على خيوط العاطفة والطموح، دون أن تتنازل عن لغتها الشخصية. وإذا كانت هذه الأغنية تمثل أول ملامح ألبومها القادم الذي تعمل عليه حاليًا، فالأكيد أننا أمام فصل جديد يبدو أكثر نضجًا وأقل درامية.