بروح مرحة نلمسها في أغانيها المبهجة، ومشاعر بريئة تنقلها عبر الأغاني الرومانسية والحزينة، لازمنا صوت نانسي عجرم منذ انطلاقتها مع ألبومها الأول "محتاجالك" عام 1998، وحتى يومنا هذا، مع نجومية متواصلة لم ينحسر إيقاعها.
ولأن الكل لديه أغنيته المفضلة وذكرياته الخاصة مع نانسي؛ أعددنا لكم قائمة من اختيارات فريقنا، لنرى كيف تعلق كل واحد منا بوجود نانسي عجرم في قائمته استماعه الموسيقية في فترة ما.
"في حاجات" الأغنية المفضلة لـ عمر بقبوق
في أغنية "في حاجات"، تفتح نانسي عجرم نافذة ناعمة ومؤلمة في آنٍ واحد على العوالم الداخلية للمرأة، حيث تتداخل الرغبات بالمخاوف، وتتعثر الكلمات عند حدود ما لا يُقال. كتب كلمات الأغنية أحمد مرزوق بلغة مرهفة وواقعية قابلة للتصديق، ولحّنها محمد رحيم بنبض متصالح مع الهشاشة، وجاء التوزيع الموسيقي لهادي شرارة غنيًا بالأصوات الخافتة، لتبدو الأغنية كأنها مناجاة داخلية أكثر منها حوارًا أو بوح للآخر، ويتوّج اللوحة الموسيقية صوت نانسي عجرم الذي يتكئ على الصدق، فلا يُزيّف الألم ولا يموّه الحاجة إلى الاهتمام، بل يعترف بها بكل بساطة.
لم تكن أغنية حب تقليدية، بل أغنية رقيقة ترسم ملامح امرأة لا تطلب شيئًا، لكنها تتألم لأن ما تتمناه لا يُرى: "في حاجات تتحس وما تتقلش/ وإن جيت أطلبها أنا ما قدرش". فالأغنية لا تطلب الحب، بل تطلب أن يُفهم الحب. أن يُبذل جهدًا حقيقيًا من الطرف الآخر ليعرف لوحده ما الذي يسعد المرأة، ما الذي تتمنّاه دون أن تقول. وهذا ما يجعلها أغنية عن الذكاء العاطفي بامتياز.
"إنتا إيه؟" الأغنية المفضلة لـ لينا الرواس
"أنت ايه؟" تنتزع نانسي السؤال من داخلك، ومعه اعترافًا مؤلمًا ومحررًا في ذات الوقت!
هذه الأغنية لا تطلب منّا التجبّر، ولا توهمنا بأن الألم يزول سريعًا. على العكس، فهي تنحاز للضعف النبيل، وتقف عند لحظة الانكسار بلا خجل. لا بطولة زائفة هنا، بل اعتراف شجاع بأن الحب قد يكون مؤلمًا، وأننا في أحيان كثيرة نتمسك بمن يؤذينا، لا عن ضعف، بل لأن الشعور أقوى منّا.
تُحرِّرنا الأغنية من أوهام "القوة" السطحية، وتمنح الشرعية لمشاعر نخفيها كي لا نظهر أقلّ مما ينبغي. ففي صوت نانسي، يتحوّل الألم إلى تجربة إنسانية مشتركة، لا نحاسب فيها القلب، بل نحتفي بصدقه.
"ابن الجيران" الأغنية المفضلة لـ نورهان أبو زيد
أغنية "ابن الجيران" مثال حي على بصمة نانسي عجرم في الأغنيات الخفيفة، فهي تحمل موضوعًا قريبًا من تجارب كثير من الفتيات -وأنا منهم بالطبع- حيث كان "ابن الجيران" في فترة ما رمزًا لـ الكراش (Crush) وللحب الأول. وقدمت نانسي هذا المشهد التقليدي في الحياة بأسلوب بسيط ومرح، يفيض بالعفوية والإعجاب المتبادل. وقد زاد من تميز وانتشار الاغنية هي الأسماء القائمة عليها ومن بينهم ملحنها محمد رحيم وموزعها حميد الشاعري وهما أصحاب باع طويل في مثل هذا النوع من الأغنيات.
كوفر "حارة السقايين" الأغنية المفضلة لـ محمد سرتي
أتذكر تمامًا عندما شاهدت الأداء الحي الذي جمع الكينغ محمد منير بنانسي مباشرة على التلفاز ضمن إحدى حلقات برنامج آراب آيدول. كنت مبهورًا بقدرة نانسي على تنسيق نغمتها وتدفقها بانسجام تام مع أسلوب منير الفريد. على عكس العديد من الفنانات اللواتي شاركن المسرح مع منير، نجحت نانسي في الحفاظ على بصمتها الخاصة داخل الأغنية، ومنحتنا نسخة جعلتنا نقع في حبها من جديد.
"قلبي يا قلبي" الأغنية المفضلة لـ ديما حجازي
استمعتُ إلى أغنية "قلبي يا قلبي" مباشرة من إحدى حفلاتها في العلا وكان الاستمتاع بالنسخة الحية منها تجربة لا تُنسى. الأغنية تحمل الكثير من المشاعر الرومانسية بصوت نانسي العذب الذي يلامس القلب، ويلمع في الطبقات المنخفضة. تجدد حبي للأغنية حينها، وتمنيت أن تكرر نانسي تقديم الأغاني الرومانسية البسيطة باللهجة اللبنانية، حيث يتناسب إحساسها ورقّتها في هذه الأغاني مع موجة شبابية نشهدها في أغنية الليفانتين بوب، مع فنانين وملحنين وموزعين شباب.
"يا سلام" الأغنية المفضلة لـ هلا مصطفى
صدر كليب "يا سلام"، ليتبع أول وأكبر هيت في مسيرة نانسي عجرم "أخاصمك آه"، الذي انفجرت شعبيته في العالم العربي، معلنًا بداية حقبة أحدث وأجرأ في أغنية البوب العربية، وأحدث انقلابًا في الرأي العام حينها وفي العلاقة مع الفن والموسيقى والصورة البصرية، بشراكة مع المخرجة نادين لبكي.
ثم تابعنا ناسي في المشهد الافتتاحي لـ "يا سلام"، في شخصية مغنية استعراضية أنهت وصلتها وغناءها لـ "أخاصمك آه"، وانسحبت خلف الكواليس لتنزع بنزق الشعر المستعار الملون. تزيل كل الميك-أب عن وجهها، وتخرج بملامحها الطبيعية وحذائها الرياضي إلى الشارع لتلتقي حبيبها وهي تغني.
لربما كان الملحن سليم سلامة من الأسماء الأقل تقديرًا في ساحة الأغنية اللبنانية والعربية، وقد وضع في بداية الألفية الجديدة العديد من الألحان لأصوات نسائية، قدمتهن في إطار نغمي بغاية الرقة والإحساس. في "يا سلام" يمنح نانسي نقلات لحنية شجنية تعززها الكمنجات والإيقاعات وصوت الكورس، ضمن أسلوب توزيع متكامل مع اللحن وضعه طوني سابا، فيما تغني نانسي ببراءة عن دهشة بدايات الحب!
"أخاصمك آه" الأغنية المفضلة لـ نور عز الدين
في عام 2003، قدمت نانسي عجرم أغنيتها الشهيرة "أخاصمك آه"، والتي سرعان ما أصبحت من بين الأغاني الأيقونية في مسيرتها الفنية. الأغنية كانت جزءًا من ألبوم يحمل نفس الاسم، وهو ألبوم شهد تحولًا في أسلوب نانسي الغنائي، وفتح لها أبواب الشهرة على مستوى أوسع.
نجاح "أخاصمك آه" لم يكن مقتصرًا على الكلمات واللحن فقط، بل كان لصورته أيضًا الدور الكبير في التأثير على الجمهور. في عصر الفيديو كليب، اختارت نانسي التعاون مع المخرجة نادين لبكي، التي قدّمت لها رؤية بصرية مبتكرة. قدمت شخصية جريئة ومديرة مقهى تتأرجح بين القوة والأنوثة، مما شكل مفاجأة للجمهور في ذلك الوقت، خصوصًا مع التلاعب البصري والإضاءة التي أضافتها لبكي، لتجعل من الكليب عملًا فنيًا متكاملًا يوازي الأغنية في قوتها.
"آه ونص" الأغنية المفضلة لـ يوسف علي
في كليب "آه ونص" تقوم نانسي في هذه الأغنية بدور الفتاة الريفية الكبرى المتحملة لمسؤولية الكثير من الإخوة، والتي سأمت من مماطلة حبيبها وعدم جديته، تجد نفسها في منطقة بين الاتجاه لرفضه ومحاولة اقناعه بأن "مفيش حاجة تيجي كدة"، وأنه يجب أن يعود لأيامهم الأولى حين كان لديه ما يضيفه للعلاقة بدلًا من الملاحقة الفارغة طوال الكليب. الكليب والأغنية تكاملا على نحو مثالي يجعل تخيل أي منهما بشكل منفصل عن الآخر أمرًا شبه مستحيل!
تلعب المخرجة نادين لبكي على مظاهر الحياة بمهام السيدات بالريف، وإظهار التفاصيل الناعمة والمرحة لنانسي في هذا السياق، كما ساهمت الكلمات ووجود فواصل بين المقاطع الغنائية أضاف له روح مونولوجية تقترب من الأذن ويسهل تذكرها وأدائها بشكل تمثيلي.