في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها صناعة الموسيقى عالميًا، التقت بيلبورد عربية بليور كوهين الرئيس العالمي لقسم الموسيقى في YouTube للحديث عن الدور المتنامي للمنصة في إنتاج وتطوير المحتوى الموسيقي، ورؤيتها الاستراتيجية تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وكذلك خططها المستقبلية لدعم الفنانين وبناء مسيراتهم المهنية.
بيلبورد عربية: ما الدور الذي يلعبه يوتيوب في صناعة الموسيقى عالميًا وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
نحن نمثل أكبر مسرح افتراضي في العالم. بالنسبة للفنان، يُعد يوتيوب المكان الوحيد الذي يمكنه فيه بناء مسيرة مهنية عالمية متكاملة من الاكتشاف عبر فيديو قصير إلى التواصل مع المعجبين من خلال فيديوهات كاملة أو بث مباشر، وصولًا إلى تحقيق العوائد المادية.
الطاقة التي أشعر بها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مذهلة. المنطقة لا تنمو فقط، بل تعج بالمواهب. ما يثير اهتمامي حقًا هو كيف يتجاوز الفنانون العقبات لبناء أعمال تجارية عالمية منذ اليوم الأول.
نرى ذلك بوضوح مع فنانين مثل تووليت والفنانة إليانا، الذين انتقلوا من نجومية محلية إلى حضور عالمي.
بيلبورد عربية: لماذا أصبح تفاعل المعجبين، وليس عدد المشاهدات فقط، العامل الأهم لاستمرارية الفنان؟
المشاهدات مجرد لحظات عابرة أما القاعدة الجماهيرية الحقيقية فهي مسيرة طويلة. النجاح الفيروسي رائع، لكنه لا يدفع الفواتير على المدى البعيد. التفاعل الحقيقي يبدأ عندما ينتقل المعجب من مشاهدة فيديو قصير، إلى شراء تذكرة حفل، ثم قميص ترويجي، ثم التوصية بالفنان لأصدقائه، لا مجرد جمهور عابر.
بيلبورد عربية: ما الذي يميز يوتيوب عن منصات مثل سبوتيفاي أو أنغامي؟
نحن لا نراهم كمنافسين، بل كشركاء في دعم الموسيقى. لكن إن أردت اختصار الفارق: هم يعزفون نغمة واحدة، ونحن أوركسترا كاملة. يوتيوب يمكّن الفنان من إظهار كل جوانب فنه: الموسيقى، الفيديو، الأداء المباشر، والشخصية. الفنانون لا يريدون أن يكونوا مجرد “تراك” في قائمة تشغيل، بل عالمًا متكاملًا يعيش فيه معجبوهم وهذا ما توفره YouTube.
بيلبورد عربية: ما أهم الأدوات التي يعتمد عليها يوتيوب لدعم الفنانين في المنطقة؟
يوتيوب شورتس (shorts) هي نقطة البداية. Shorts هي محرك الاكتشاف الأساسي اليوم. البيانات تشير إلى أن 85% من عشاق الموسيقى من الجيل Z في المنطقة يكتشفون فنانين جدد عبر الفيديوهات القصيرة، ما يجعلها بوابة لا غنى عنها لأي فنان صاعد.
ثم برنامج الاكتشاف وحده لا يكفي. عبر نستثمر مباشرة في الفنانين الصاعدين، ونمنحهم الموارد والإرشاد للوصول إلى العالمية. اخترنا زين كأول فنانة عربية في البرنامج، وظهرت صورها على لوحات إعلانية في لوس أنجلوس ونيويورك—هذا استثمار حقيقي وملموس Foundry فونردري
وأخيرًا أدوات المجتمع والبث المباشر: بعد الاكتشاف، تأتي مرحلة بناء المجتمع. من خلال Premieres يمكن تحويل إصدار الأغنية إلى حدث، ومع Community Tab والبث المباشر يمكن التواصل المباشر مع المعجبين الأكثر ولاءً. فنانون مثل كايروكي مثال واضح على كيفية بناء تجارب مشتركة تخلق قاعدة جماهيرية مخلصة. ونحن ننظر أيضًا إلى المستقبل عبر تجارب مثل Music AI Sandbox لمنح الفنانين أدوات إبداعية جديدة.
بيلبورد عربية: هل يضر السعي وراء الانتشار السريع بالقيمة الفنية للأغنية؟
الـHook كان دائمًا عنصرًا أساسيًا في أي محتوى، وهذا ليس جديدًا. هو ليس عدوًا للفن، بل دعوة للدخول. فيديو مدته 15 ثانية هو بمثابة إعلان تشويقي لأغنية مدتها 3 دقائق. نرى ذلك يوميًا: يكتشف المعجب فنانًا عبر Shorts، ثم يقضي ساعات في استكشاف أعماله الكاملة. الأمر ليس اختيارًا بين القصير والطويل—بل علاقة تكامل.
بيلبورد عربية: كيف يضمن يوتيوب عوائد عادلة للفنانين؟
لدينا نموذج تحقيق الربح الأكثر تنوعًا في صناعة الموسيقى. دفعنا أكثر من 8 مليارات دولار لصناعة الموسيقى بين يوليو 2024 ويونيو 2025. الفنان يحقق الدخل من الإعلانات، واشتراكات YouTube Music، ودعم المعجبين المباشر عبر أدوات مثل Super Chat. هذا يعني أن الفنان لا يحتاج إلى مليار استماع ليبدأ في بناء مشروعه التجاري.
بيلبورد عربية: ما نصيحتك للفنانين المستقلين في المنطقة؟
استثمر في المنصة، وستعمل المنصة لصالحك. استخدم كل الأدوات: Shorts للاكتشاف، الفيديوهات الكاملة للعمق الفني، والبث المباشر لبناء المجتمع. لا تنشر أغنية واحدة وتنتظر الحظ.
بيلبورد عربية: كيف ترى مستقبل الذكاء الاصطناعي في الموسيقى؟
الذكاء الاصطناعي سيخفض حواجز الإبداع ويفتح آفاقًا لا يمكن تخيلها اليوم. لكن ليكن واضحًا: الذكاء الاصطناعي شريك للفنان، وليس بديلًا عنه، القصة والعاطفة ستظل دائمًا بشرية.
لهذا أطلقنا مبادرات مثل مبادئ الذكاء الاصطناعي للموسيقى وحاضنة الذكاء الاصطناعي، وبدأنا تجارب مع فنانين وشركات إنتاج في المنطقة.
بيلبورد عربية: كيف تحمون حقوق الفنانين في عصر الذكاء الاصطناعي؟
نسترشد بمبادئ الشراكة والحماية والثقة. لدينا خبرة طويلة مع أنظمة مثل Content ID، ونوسّعها اليوم لتشمل المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي. من بين ذلك تقنية التعرف على الغناء الاصطناعي، التي تتيح للفنانين اكتشاف وإدارة أي محتوى يحاكي أصواتهم تلقائيًا، وهي قيد التطوير ضمن برنامج تجريبي حاليًا.






