من صاصا إلى السينابتيك: كليبات الأنيميشن ترسم موجة جديدة في الموسيقى العربية

مع تزايد انتشار فيديوهات الذكاء الاصطناعي في المشهد الموسيقي، نعود إلى تجارب فنية سبقت هذه الموجة وقدمت رؤية بصرية جديدة باستخدام الكوميكس والأنيميشن. كانت الفرق الموسيقية البديلة في المنطقة من الأوائل الذين جددوا ليس فقط في الكلمات والألحان، بل في التعبير البصري أيضًا، من خلال فيديوهات تعتمد الرسوم المتحركة كوسيلة لكسر النمطية وتقديم أفكار يصعب تحقيقها بالتصوير الواقعي، مثل "راديو رومانس" مع فرقة مشروع ليلى. 

نستعرض أبرز كليبات الرسوم المتحركة التي صدرت خلال السنوات الثلاث الماضية من مشاهد مختلفة مثل الهيب هوب والمهرجانات وغيرها، وأضافت بعدًا إبداعيًا فنيًا إلى المشهد الموسيقي في المنطقة.

يقدّم عصام صاصا قصة خيانة عاطفية بخلطة تجمع التبجح والمرارة، في فيديو يحاكي أسلوب كوميكس مارفل للأبطال الخارقين. نرى رسومات تعبّر عن عبارات مثل "أنا مش تلميذ أنا أستاذ"، يظهر فيها كمدرّس، أو "بعمل خير وياكو يا عرر يتردلي عداوة" مع خلفية لكلاب شرسة. ثم تنتقل الرسوم بسلاسة إلى مشاهد الخيانة التي يتعرض لها بطل المهرجان، بإخراج بصري حيوي من عبد الله باندا.

يُعد كليب "مربوط بأستك" لفرقة كايروكي من أبرز الأمثلة على توظيف الكوميكس في الفيديو كليب، سواء من حيث جرأة الفكرة أو طريقة التنفيذ. يبدأ بأسلوب "حبكة داخل حبكة"، حيث ننتقل من مشهد تقديم فكرة الكليب إلى تنفيذها. في هذا العالم المتخيَّل، يُجسَّد جمهور الحفل من الرجال كضباع، بينما يظهر بطل القصة كقط ضخم وخجول، ينقلب فجأة على طباعه ويُدمّر كل من حوله، بمن فيهم القطة التي كان مُعجبًا بها. يعتمد الكليب على رسم دقيق وعنف رمزي لتوضيح الفكرة الأساسية: حتى الأشخاص الصامتين أو الخجولين قد يحملون في داخلهم غضبًا مكبوتًا قد ينفجر يومًا ما.

في فيديو "موسيقى القمر"، يجسّد السينابتيك مرحلة من رحلته الشخصية، تمتلئ بالرموز المستوحاة من حياته، مثل الحوت والريتالين والسماعة الطبية. نرى شخصية تعيش في عزلة تامة داخل غرفة صغيرة، تتأمل الليل حتى تقترب من القمر وتلمسه، وتبدأ رحلة داخلية تستمع فيها إليه وتتعلم منه، بحثًا عن الإلهام والقوة للمضيّ قدمًا. وقد جاء الفيديو من إخراج وتحريك كبريت.

قدّم الوايلي ثلاثة فيديوهات متحركة من تصميم عمر عادل، هي "مستني"، "الأول"، و"ليلتك فل". وتتميّز هذه التراكات بأنها موسيقية فقط وخالية من الكلمات، ما يترك المجال للمستمع لتخيّل مشاهده الخاصة بحسب الإيقاع، بينما تضيف الرسوم المتحركة لعمرو عادل بعدًا بصريًا يعزز تجربة الاستماع.

تعكس مشاهد أغنية “علبة بقلب علبة” الأساليب المختلفة التي يلجأ إليها الشباب اللبناني للتخفيف من قسوة الواقع المحيط بهم. يتجلى هذا المعنى في فيديو مرسوم من تنفيذ عبدو صوما وكارلا حبيب، نتابع فيه سابين داخل سيارتها، عالقة وسط زحمة البنزين، في مشهد يومي مألوف من لبنان، يحمل بُعدًا رمزيًا عن الضغط والانفجار الداخلي، إلى أن تنفد طاقتها تمامًا.

يتأثر الفيديو كليب بأسلوب سرد الأنمي الكلاسيكي التلفزيوني وبساطته، حيث يصور قصة شابة يتيمة تواجه رفض المحيطين ولا تجد مأوى. لا يعتمد الفيديو على الكثير من التحوّلات الدرامية، بل يرتكز على الرمزيات، مثل وجود طفلة تشبه الشابة في طفولتها، أو لقطات لورود تزهر عند تسلم الشابة مفتاح منزل، أو مشاهد للفتاة جالسة تحت المطر تعكس قسوة المجتمع. من إخراج هلال عاشور، والأغنية من كلمات يزن روسان.

يبدع المخرج كريم سلطان في فيديو كليب "كتير كتار" الذي يشارك في بطولته شب جديد والناظر وشب موري. يستحضر الفيديو أجواء الأنمي، ويأخذ المشاهد في رحلة خلال ليلة مضيئة بألوان النيون البنفسجي. يبرز العمل تفاصيل دقيقة مثل شعار بلاتنم على حجر النرد المعلق في مرآة السيارة، والستيكرات الملصقة على خلفية المشهد.

يُبرز فيديو "فانتوم" قوة فن التحريك في القدرة على خلق صور لا حدود لها. يحتوي الفيديو على مشاهد سريالية مثل موكب من الأحصنة المضيئة وشخصيات إيموجي تتجول على دراجات نارية. كما يجسد الفيديو كلمات الأغنية من خلال تحول عصام تدريجيًا إلى شكل يشبه الهيكل العظمي أو الشبح.

يستمر شب جديد في نهجه الفني بالتعاون مع رسام الرسوم المتحركة روني كركر، حيث يدمج في فيديو "رد سريع" لقطات ذكية تستحضر عصورًا تاريخية مختلفة، لحظات سياسية أيقونية، ورموزًا تصويرية لحيوانات تتصارع. يجمع الفيديو بين هذه العناصر وبين سرد حياة بطل الفيديو اليومية، مع مشاهد تعكس العزلة، مثل عمل ضابط من الأسطول الفرنسي في المخبز، أو أصابع تتزلج على لوح التزلج.

اشترك في كتابة هذا المقال سامي عبد الباقي ويوسف علي.