بعد فترة طويلة للغاية من التشويق امتدت لشهور، أصدر أبيوسف ألبومه المرتقب "جنينة البقر"، والمكون من 10 تراكات، أنتج معظمها موسيقيًا أبيوسف بنفسه بينما شارك معه في الإنتاج، كل من ليل بابا ومحمد الألفي وماستر مروان سامي. كان أبيو قد شوق منذ أسبوعين للألبوم بفيلم أنميشن قصير يحكي قصة عن حديقة بقر خيالية يملكها أبيوسف سماها "جنينة البقر"، وهو من إخراج رائد المعرش وكتابة كلًا من أبيوسف وإبراهيم مدكور.
"ريبليكا" تلخص منهج أبيوسف في الراب
منذ صدور الألبوم والضجة الأكبر حول تراك "ريبليكا" وهذا بسبب إنتاجه الموسيقي الذي ينتمي للبوم-باب التجريبي، والذي اشتهر به في فترة إنتاجه قبل حقبة الاستوديو، حين كان -كما روى سابقًا- ينتج من دولابه الشخصي وعلى اللاب توب. كما أنه فاجىء مستمعيه وجمهور الهيب هوب المصري بعودته في "ريبليكا" لأسلوب الكتابة الهجومي ذو القوافي المتتابعة، بعد إصداره تراكين شخصيين يتمركزان حول السرد الذاتي الشاعري البحت، وهما "رضا" و"هي دي كات حياتك".
كما تضمن التراك "نكشتين" جريئتين، الأولى ضد ويجز في بار "زرارك بيشغل السين / أهداف حيلتكوا سامية / زراري مختلف / ادلتكوا في ثانية تبقوا بامية"، والذي أشار فيه لجملة ويجز الشهيرة أن لديه زر ينشط به مشهد الهيب هوب المصري ويثير الجدل حين يريد، بينما زره ينهي مسيرات، إشارة إلى مصائر العديد من الرابرز الذي دخل معهم بيفات قديمًا.
كما رد على تعليق شاهين بوصفه له بالخال بأنه أصغر منه سنًا في بار " وبخصوص اللي قال الخال والد هفهمك/ أنا ما كانش قصدي السن / مش دي الوحدة الثابتة هنا / بس إنت أصغر فعلاً / دا مش معناه إنك قليل /بس الفكرة إن إنت كهل وفنياً لسه عيل". وهو ما خلق وجبة دسمة تشمل كل العناصر التي ينتظرها دائمًا جمهور السين المصري.
حكم أولي
ربما كان أبرز ما يميز أبيوسف طوال مسيرته هو أنه لا يأبه بقواعد السوق والموسيقى التجارية في صناعة موسيقاه. يلتزم في أسلوبه بالكتابة على تعابير وصور تمزج بين مفردات الحياة اليومية والخيالات اللاواعية، مع الكثير من الاستعادات من ثقافات جيله. وأغنية "ريبليكا" متخمة بهذه الصور مثل "جبت شلم خطوتين دبحت الشمس" أو وصفه لموسيقاه بأنها كموجات ماركوني المستعملة في اختراع الراديو واللاسلكي في بار "موجات ماركوني على ووكمان سوني".
يتميز أيضًا أبيو بقدرته على إقحام حس نقدي متحرر من المجاملات وقريب من الجمهور في أعماله، حيث أنه لا يكتفي بنكش رابرز معه بالمجال، بل يعطي رأيه بشكل ساخر في العديد من الظواهر الموسيقية أو الفنية حوله، فنجده مثلًا ينكش أحمد بسيوني ومحمد الشرنوبي وأسامة الهادي وزاب ثروت في بارات متتابعة "مبسمعش غير شرنوبي وبسيوني وأسامة الهادي / كذاب / سيبت الراب وكتبت كتاب I'm Zap".
لا يخلو التراك أيضًا من بارات طريفة يضع فيها جانبًا من ذاته وشخصيته التي يتفاعل فيها مع الجمهور على منصات التواصل الإجتماعي وعُرف بها في عمله، مثل "جبت ماوس باد من راديو شاك / أيام باك" و"ما بتفلسفش أنا بالعافية عارف أفلاطون". كما أنه يمكننا أن نلاحظ بسهولة بأن تتابع القوافي لا يوقفه أي تعثر، فلا يخرج عن القافية في أي بار، ليخلق أبيوسف إلى جانب اللحن الموسيقي موسيقى خاصة بقوافيه التي يتنوع فيها بانتقالات لغوية جذابة ورنانة، لعل أبرزها في بار "في ليلة من الليالي / يا ني الفرق بينك وبين السوشي إنه غالي".
لكن أبرز ما يلخص شخصية أبيوسف في هذه المرحلة، هو أنه يضع نفسه على مسافة من المشهد بأكمله، ويقيمه من منظور الجندي القديم العارف بخفايا اللعبة: "بتعلو في أوضة ليها سقف / راسكو تخبط / كل موضة وليها بأف عرضتوا تخلص". الأمر الذي يصعب نكرانه، فهو من أولى الأسماء الراسخة في السين المصرية، ومازال يفرض حضوره على جمهوره اليوم بقوة وإتقان.

 
		




