أصدر الرابر المصري زياد ظاظا أحدث أغانيه بعنوان "إيه القرف ده" قبل أسابيع. العنوان وحده وقبل سماع الأغنية، أثار فضول جمهور واسع، بين من استنكر الأسلوب بدءًا من العنوان، وبين من وجده طريفًا ومختلفًا وجريئًا.
الانقسام في الرأي كان حتى بين أفراد فريق بيلبورد عربية. العديد منهم تحمس لتجربة ظاظا، فيما وجد آخرون أنها لا تتناسب مع التوقعات، مع إدراكنا أنها تندرج تحت تصنيف "الميم-راب" أو كما يسمي أحيانًا بالـ "شيتبوست راب". وقد انتشر هذا الأسلوب أو الجنرا الفرعية في العقد الثاني من الألفية، حين قرر بعض المغنين الشباب استخدام الراب للتعبير عن اللامبالاة والسخرية من الثقافة السائدة، واستخدام كلمات مبتذلة وأسلوب هستيري مع توجهات كوميدية تهكمية.
لكن ما النقاط التي اختلفنا عليها في حالة زياد ظاظا؟ اقرأوا رأيين متناقضين من داخل فريق بيلبورد عربية:
نور عز الدين
يأتي تراك زياد ظاظا "إيه القرف ده" كمثال بارز على أسلوب الـ "ميم-راب" (Meme-rap) الذي يعتمد على السخرية والتهكم. يبدأ التراك بجملة متكررة "إيه القرف ده؟"، مما يضع مستمعه في حالة من الاستفهام والدهشة، تمامًا كما يعبر عن حالة اللامبالاة والتعجب تجاه المشهد الاجتماعي والموسيقي.
جاءت الكلمات في المقطع الأول مليئة بالفوضى والتهكم، حيث يستخدم زياد أسلوبًا هستيريًا في التعبير عن رفضه لأشياء كثيرة، مثل تصغيره أو التقليل من قيمته. في المقاطع الأخرى، يواصل ظاظا استخدام أسلوبه الساخر في التعبير عن رفضه للمجتمع والأشخاص الذين لا يقدرون "القيمة الحقيقية" للأشياء.
أنا مع التراك لأنه يُعتبر أول تراك من نوعه في المشهد المصري وربما في المنطقة بشكل عام، فهو يقدم أسلوب جديد وجريء في التعبير. وقد يفتح ظاظا الباب أمام فنانين آخرين لتقديم شيء جديد وغير تقليدي، ويُظهر كيف يمكن للموسيقى أن تعكس الواقع بشكل غير مبرمج أو مغلف.
هلا مصطفى
نعم أعلم جيدًا أن التراك يصنف كـ ميم-راب، وأن هذا الهدف خلف صناعته بهذا الأسلوب. وقد وجدت موجة الميم-راب شديدة الجاذبية حين بدأت في الغرب قبل سنوات طويلة مع العديد من الرابرز الشباب، بل وحتى بنسختها أصداء التجارية مع إيمينيم -في مثلًا ومع تشايلدلش جامبينو، وقد جاءت جميعها ساخرة فعلًا وطريفة بشكل حاسم رغم دسامتها في المواضيع والأفكار. لكني لا أجد أن السخرية والتهكم في تراك زياد ظاظا قد جاءت محروفة أو جذّابة بما يكفي. الجمل القصيرة العشوائية لم توصلني لمغزى متكامل أو نكشات لمّاحة. الكتابة عامةً كانت كسولة وفيها استسهال. القوافي غير منتظمة. وحس الدعابة بحثت عنه فلم أجده.
لعل العنصر الأكثر جاذبية في التراك بالنسبة لي هو الإنتاج الموسيقي الذي وضعه دهب ضمن جنرا الرايج-راب. الصوت الذي تقدمه الأغنية هو ما أوصل رسالتها فعلًا، واختصر النكش الذي أراده ظاظا ضد من تبعه متأخرًا إلى الرايج-راب الذي كان هو سباقًا فيه. وحتى الفيديو بدا متماسكًا بصريًا، وقدم رسائل وإشارات رغم بساطته. لولا فقط حركة البصاق على الكاميرا.. ليه القرف يا شباب؟
ثم لماذا يفترض أن نصفق لتجربة فقط لأنها الأولى من نوعها محليًا، في حين أن التجربة الأصلية سبقتها بسنوات طويلة؟ أصفق كثيرًا لشباب السين المصري على العديد من الأفكار الأصيلة والسباقة، بل وحتى الاقتباسات من المشاهد العالمية والمحلية الموازية حين تكون حذقة، وتضيف بصمة خاصة. تراك "إيه القرف ده" -بالنسبة لي- كان تجربة مثيرة للاهتمام لكنه لم يكن تراك ممتع عند الاستماع إليه.
*مع أم ضد زاوية خاصة، يختار فيها نقاد من فريق بيلبورد عربية إصدارًا انقسمت آراؤهم حوله، بين من أحبه ومن لم يقتنع به، ليحلله كل منهم حسب رأيه الخاص، لأن الفن فيه جانب ذاتي، يتأثر بالذائقة الشخصية، ولا يمكن الإجماع عليه.