إذا كنت تتابع السين جيدًا، غالبًا تعرف أن الرابر مهاب بعد قرابة عام على تغيير اسمه إلى إلموند، يقدّم اليوم ألبوم قصير تحت تسمية جديدة: موند، فقط، مع تراكات "أمين" و"ID" و"3 Am". هذا التغيير المستمر يجعلنا نتساءل ما الذي يعنيه؟ وهل تتغير موسيقاه كذلك؟
شارك موند في إنتاج الألبوم موسيقيًا مع إيفو وكين وعمر طاي ولاصوص. بينما أشرف على المكس والماستر نادر سليمان، وأخرج الكليبات موند أيضًا بالتعاون مع خالد علي وميرتز.
في تراك "أمين" يركز موند على خلق صورة بصرية تتنقل بين شخصيتين يتميز بهما في كليباته السابقة، أحدها ملاكم يتمرن، والأخرى يظهر فيها بشخصيته العادية نفسها. شيء يشبه بورتريه بالأبيض والأسود، دون خلفيات أو معالم زمانية أو مكانية، يلعب فيه على سرعة الانتقال البصري بين المظهرين.
تركز الكلمات على التبجّح العنيف، مع وعود استمرار نفس الإنتاج والأداء وتصدّر الساحة، موجهًا رسالته لمن ينتقده، ساخرًا: "عيبت فيا في بيتك جامد فشخ عاش بجد".
أيضًا يشبّه خصومه ومنافسيه بموظفين يصدرون أعمالهم وفق معايير محددة، ويتعاملون مع الفن كـ "سبوبة" في بار "اهدى يا عم الموظف بدل ما أدّيك مرتب".
حكم أولي
أتفهم أن جزء من لعبة الهيب هوب هو التبجّح، لكن الملفت أنه لا يلعب في ألبومه هنا فقط على هذه الثيمة، بل يتناول مواضيع عاطفية في "3 am"، وذهنية في تراك "ID". لكنه كلما أصدر عملًا جديدًا، خاصة مع التزامه بالخط الفني البصري المعتمد على الأبيض والأسود، والألحان غير المعقدة ذات السامبلز والتطعيمات الذكية، يشعرنا أننا أمام فرصة مهدرة.
في كليب وتراك "أمين" لا يتعمق في ذكر مصطلحات وأوصاف، أو حتى رسم صور ومواقف تعبر عن مفهومه حول التبجّح. فقط يكتفي بتلميحات مثل "موظفين" أو "عيبت فيا في بيتك"، رغم أن الإخراج الفني للكليب، واختيار الملاكمة التي من سماتها العنف الشديد أو أنه يقاتل وحده مثل أي ملاكم.
اللحن الأولد سكول في التراكات مشجّع للغاية، ويعطي مساحة للاسترسال سواء بذكر مظاهر من صور معاناة لاقاها في الصناعة لتقديم فنه دون تنازلات، أو حتى في إيجاد كلمات وتعبيرات جديدة أكثر عمقًا للتعبير عن الصراع الداخلي لديه تجاه الهجوم الذي يلقاه أو المنافسة في مشهد الهيب هوب المصري. تجربة تشبه كليب "راجل"، الصادر منذ شهر، والذي صُور في منطقة جبلية بالأردن ملاصقة لأحياء فقيرة، والتي حملت بعض البارات القوية، لكنها لم تتعمق في ثيمة القسوة رغم براعة الإخراج.
غير ألموند اسمه لموند والذي بدأ كـ "مهاب"، دون أن نشعر بأي اختلاف بين الشخصيات الثلاثة. جميعهم قدّموا نفس الأداء الصوتي بنفس النبرة والشخصية والبارات. يتشاركون التصور البصري التجريدي المركز على الأبيض والأسود، الذي نجح في تناول مواضيع مهمة عن طريق الرمز والإشارة مثل "مفهوم الحرية" و"قسوة الصناعة" و"صعوبة الطفولة" و"الانحياز للفن على حساب تنازلات العمل فنان". والثلاثة يقدمون بيرسونا المستغرق في مشاعره الداخلية المضطر لسلوك العنف لحماية نفسه.
يأخذنا التكرار والتأرجح في الصورة البصرية والكلمات بين الفني البحت والمواكب لقواعد السوق التجاري إلى سؤال هام، إن كان موند أو الموند أو مهاب لديه لبنة مشروع فني له معالم و مفهوم، لماذا التردد؟
وسواء نجح مشروع "أمان" بتحقيق أرقام مشابهة لإصدار "يا زميلي" مثلًا الذي مكث في المراتب الخمسة الأولى لقائمة أعلى 50 أغنية هيب هوب عربي طوال عامين أو أكثر، سيكون على موند أن يقرر كيف سيشكل اختياراته الموسيقية الجديدة في الفترة القادمة. لو تأخر قد يفوّت فرصة أن يصبح إسمًا يتذكره جمهور السين بغض النظر عن نجاحات الأرقام.






