شهدت نسخة هذا العام من جوائز بيلبورد منافسة قوية على فئة أفضل ألبوم موسيقي لفيلم، ففي النهاية فاز ألبوم فيلم باربي كما كان متوقعًا، لكنه فاز بعد منافسة مع موسيقى أفلام الجزء الثاني من بلاك بانثر، وتوب جَن: مافيريك وإلفيس، والموسيقى التي أنتجها مترو بومين لأحدث أفلام سبايدرمان بعنوان Spider-Man: Across the Spider-Verse، المنافسة التي لم تكن هينة على الإطلاق.
نراجع فيما يلي ألبوما فيلمي سبايدر-فيرس وإلفيس، اللذان ظهرا كالأكثر تكاملًا سواء من ناحية الأسماء المشاركة والتقنيات الموسيقية والجُنرات المستعملة، وتوظيف الأغاني لخدمة الدراما.
Spider-Man: Across the Spider-Verse
نبّه ألبوم الجزء الأول من بلاك بانثر الصادر عام ٢٠١٨ صنّاع الموسيقى والسينما إلى ما يمكن للمحتوى الموسيقي القادم من الثقافة الأفريقية-الأمريكية تقديمه، وخاصة في فئة أفلام الأبطال الخارقين. إذ يكفي أن نشير إلى أن جائزة الجرامي لأفضل أداء راب في ذلك العام ذهبت مناصفة إلى كندريك لامار وجاي روك وفيوتشر وجيمس بلايك عن أغنية King's dead من الفيلم، وأندرسون باك عن Bubblin. لذلك، لم تكن مفاجأة أن يتم اختيار مترو بومين ليضع ألبوم موسيقى فيلم سبايدر مان الأحدث، خاصة مع تألقه العام الماضي مع ألبوم Heroes and Villians.
حوى الألبوم تعاونات مع سوان لي وأوفسيت وليل واين وآيساب روكي وفيوتشر وليل أوزي فيرت وجيمس بلايك وناز من بين آخرين، بالإضافة إلى لمسة عالمية بالتعاون مع المغنيين اللاتينيين كبيكي جيه وآيرو ستار وومورا. شارك في إنتاج الألبوم إلى جانب مترو بومين كلاً من مايك دين وجيمس بلايك ودوكتور لوك وأونورابل سي نوت.
تمسك الأغاني بتتابعها خيوط قصة حياة الفتى مايلز القادم من بروكلين، والذي يذهب في رحلة إلى السبايدر ميتا فيرس، حيث يقابل مجموعة من السبايدر مِن المتنوعين. يختلف بعد ذلك أفراد المجموعة حول القوة والسلطة، فيجد نفسه أمام تحدي كيفية حماية مدينته وأحبائه. يأتي تراك Annihilate ليتخلله فيرس ليل واين ببحة صوته المعتادة التي تأتي هذه المرة مع عنفوان واضح وتأني. تتداخل الطبقات اللحنية في أسلوب الإنتاج عبر التراك على شكل تماوجات، لتعبر عن دواخل البطل المتأثر بهذا العالم الواسع، إلى جانب تباطؤ الإيقاع في الفصلات الانتقالية. يظهر ذلك على عكس الأغنية الختامية Am I Dreaming، والتي تأتي بإيقاعات أكثر تعبيرًا عن الاستقرار مع تناسق كبير بين الكمان والتماوجات اللحنية.
تظهر مشاركة فيوتشر في All the way live متناسبة مع المشاهد المليئة بالحركة غير المستقرة، عبر الكورس المتداخل مع البارات الرئيسية، وتكرار الجمل، ولحن التراب ذو الإيقاع المقسم لتقطيعات مضغوطة شديدة الثقل. وعلى العكس تمامًا يأخذنا جيمس بلايك إلى منطقة عاطفية ميلانكولية بطبقة صوت هادئة عميقة في Humming birds. يتقاطع اللاتينو بوب مع إيقاعات الأفرو في المساحات المرحة والهادئة المفعمة بالحركة بين شخصيتي جوين ومايلز في Silk and Cologne. فيما نستمع إلى الحالة المترددة الخائفة من التعلق ومما هو قادم في تراك الأفروبيت الخالص Link Up المشبع بالإيكو، والذي يبحر في أعماق نفسية البطل. ويخلق مترو حالة مشابهة لريلز التيك توك وإنتروهاتها في أغنية Giving up، بإنترو مأخوذة من أحد مشاهد الفيلم، حين يخاطب مايلز نفسه فيها، مدركًا إختلافه ويقينه أنه يجب أن يكون حامل مسؤولية حماية المدينة رغم عدم قدرته على التوصل للسبب.
Elvis
عند محاولة تناول فيلم سيرة ذاتية لأيقونة مثل إلفيس بريسلي، والثورة التي حملها إلى الصناعة الموسيقية بريادته لجُنرا الروك آند رول، لا يكفي الاقتباس من أرشيف إلفيس للتعبير عن رحلته الشخصية، خاصة وأن الفيلم يتناول علاقته المتقلبة الممتدة لعشرين عامًا مع مدير أعماله المعروف آنذاك بالكولونيل توم باركر، وعلاقته بزوجته بريسيلا. فللتعبير عن تلك المسيرة بصراعاتها، اعتمد المخرج باز لوهرمان والمؤلف الموسيقي أنتون مونستيد على أغانٍ ومقطوعات موسيقية مختارة من جُنرات مختلفة، بالإضافة إلى إعادة إنتاج أغانٍ لإلفيس بصوت الممثل الذي يقوم بدوره أوستين باتلر، مع الإبقاء على بعض الأداءات الحية والأغاني المسجلة بصوت إلفيس.
يضعنا باز في قلب الصراع الداخلي لإلفيس كموهبة شابة يلتف حولها الجمهور بحماس مع المقطع الأخير من Suspicious minds، مستغلًا طبقة الباريتون العالية المميزة لإلفيس، واعتماده الأسلوب الأوبرالي، في دمج بين صوته المخضرم والناضج الواقعي، وتصويره الشاب على الشاشة، محاطاً بدق الطبول، وصوت صنج الدرامز، والتصفيق الحاد والهتاف من الجمهور. يخرج لوهرمان من هذه الحالة، منتقلًا بسلاسة للاستعانة بالبوب راب مع دوجا كات في أغنية Vegas، بإيقاع متسارع متلاحق يعبر عن لاس فيجاس كمركز للصناعة الترفيهية. لم يكتفٍ بدوجا فقط بل وتعاون مع إيمينيم، بفري ستايل عنيف اللهجة على ألحان Jail House Break. لا تتوقف الإحالات الموسيقية على التعبير عن أحداث بعينها في الفيلم، أو حالات داخلية لشخوصه، لكنها تعيد قراءة السيرة الذاتية لإلفيس بمنظور موسيقي سمعي معاصر، فيتنقل في مقاطع الأغنية Tupelo Shuffle بين اللمسة الكلاسيكية وأجواء الاحتفال، موظفًا موسيقى الهاوس مع فصلات الدريل لديبلو وسوان لي، مقابل أداء جاري شارد جونيور وأوستين باتلر.
نجد تداخلًا آخر للتعبير عن الطبقة الاجتماعية التي يأتي منه إلفيس كرجل أبيض من الطبقات الفقيرة، مع مقابل اجتماعي وطبقي معاصر يحمل نفس الظروف للأفريقيين-الأمريكيين، فتأتي أغنية Product of the Ghetto لتعبرعن ذلك متنقلةً بين روك أند رول إلفيس بما يحمله من أسطر الجيتار والدرامز، وبين الدريل تراب لريجين كينج.
كما يثبّت المخرج شخصية الكولونيل توم باركر كأحد ركائز حبكة الفيلم حينما يغير من كلمات أغنية Cotton Candy Land الأصلية لإلفيس، لتوافق اللقب الذي عُرف به الكولونيل، وهو The Snowman، فيغير جملة The Sandman's coming، إلى The Snowman's coming، وهو ما يعطي إيحائًا دراميًا بالخطر. حضرت أيضًا النسخ الأصلية لأغاني Any day now وSummer kisses، وأداءات أوستين باتلر للأغاني البارزة مثل Trouble.