بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها الثاني والعشرين، أصدرت إلينا أغنية "الشام"، أولى عينات ألبومها الجديد. تأخذ الأغنية من كلمات "خمرة الحب" للراحل صباح فخري، وتتعاون إليانا في إنتاجها مع أخيها فارس مرجية. وكالعادة، أولت اهتمامًا خاصًا بالعنصر البصري للأغنية، وأصدرت لها فيديو كليب من إخراج فردوس.
هوية إلينا الثنائية، المُنقسمة ما بين جذورها الفلسطينية واللاتينية ونشأتها في الولايات المتحدة الأمريكية، تؤثر بشكل كبير على نظرتها لإرث بلاد الشام الثقافي وكيفية التفاعل معه فنيًا. تختزل أغنيتها الجديدة "الشام" العديد من السمات الثقافية ذات الأصول المُتشعبة في المنطقة من منظور اغترابي، يبسطها فيما يعيد تقديمها بشكل جديد إلى العالم الخارجي. وظّف الإنتاج مقطعًا من أغنية حلبية لصباح فخري التي صاغها بتأثير القدود الحلبية وقد تمرّس بغنائها، وأعاد دمجها مع نغمات من وحي موسيقى الشام البدوية، معالجة إلكترونيًا على إيقاع الدبكة الفلسطينية. أما العناصر البصرية الغنية في الأغنية فتمزج بفيديو-آرت ما بين رقصات الدبكة وأجواء الفانتازيا -المألوفة لدى أهل بلاد الشام بفضل مسلسلات الفانتازيا التاريخية- التي تجمع ما بين طبيعة المنطقة وعناصر ثقافية غريبة عنها، لها اكسسوارات وأقنعة مميزة، لتكون النتيجة النهائية لوحة فنية تخلط بين جماليات بلاد الشام، الأصيلة منها والدخيلة. يأتي هذا العرض السمعي/ البصري ليُذكرنا ببعض فيديوهات بيورك الموسيقية، التي جرّبت فيها أن تعالج ثقافات غريبة عنها بتقنيات الفيديو-آرت الفاقعة والمبهرة بصريًا، وإن كان فيديو كليب "الشام" لإليانا أقل غرابةً، ولكنه يحمل ذات النزعة، ويلتقط المكونات الثقافية ويعيد تشكيلها بلوحة فنية مُثيرة.
استمدت إليانا من أغنية "خمرة الحب" لصباح فخري كلمات أغنيتها الجديدة كاملةً، واكتفت بغناء مطلعها وإعادته على مدار الأغنية بسرعات ومزاجات متعددة. غيّرت أحيانًا ترتيب الجُمل وبعثرت المفردات لتشكيل المعنى ذاته، بينما ساهم استخدام الموسيقى الإلكترو-شعبي الشامية في تغريب كلمات الأغنية عن أصلها أكثر من تعديلات الكلمات. من خلال الموسيقى تستقدم إليانا رمال صحراء بادية الشام إلى مدينة حلب، لتجعلنا نستعيد كلمات الأغنية التي سمعناها ألف مرة من قبل ونقرأها من منظور مختلف وبمرجعية جغرافية مغايرة؛ لتقترن الصورة الشعرية "جدولٌ لا ماء فيه" بنغمات الصحراء، وبصورتها في الكليب أيضًا لتُضفي إليانا لمستها على كلمات الأغنية بتفاعلها الثقافي العفوي معها.
قد تبدو بعض عناصر الكليب دخيلة على السياق، كحضور السيارة المحترقة، ولكن جمالية الصورة تجعلنا نتجاوز العناصر غير المُبررة، مع أثرها على مستوى الإضاءة وما تضفيه من إلى الصورة التي تميل للألوان الداكنة والمزاج الشتوي الليلي.