كانت الشاعرة السعودية ثريا قابل تحمل في سن الطفولة مشاعر الإعجاب لابن عمها. وبعدما كبرا تُوّجت علاقتُهما بالزواج في العام 1963، فكتبت هذين البيتين: "من بعد مزح ولعب/ أهو صار حبك صحيح/ وأصبحت مغرم عيون/ وأمسيت وقلبي طريح".
بعد الزواج توقفت عن الكتابة شهوراً طويلة، بسبب تعرضها إلى حملة من الانتقادات كونها أول سعودية تخوض غمار القصائد العاطفية باسمِها الحقيقي. امتلكت ثريا شجاعةً كافية جعلتها قادرة على الوقوف أمام التحديات التي تواجه المرأة في الحياة العامة، فكتبت تقول معبرة عن عواطفها بأسلوب سهل، رقيق، وعذب: "وأنا الذي كنت أهرج والكل حولي سكوت/ وصرت أتلعثم واسكت وأحسب حساب كل صوت".
بعد ستة شهور، شاءت الأقدار أن يُصاب ابنها حسام بمرض، فجلست معه في المستشفى أثناء فترة علاجه، ومن قلب الأم الموجوع، أخذت تقول: "والله يا أحلى عمري في عيوني مالك مثيل/ تساوي الروح وأكثر وتكون عنها بديل/ واخجل إذا جات/ عيني صدفه فعينك واصير/ مربوك وحاير فأمري من فرحي أبغى أطير". لعبت ثريا في قصيدتها على الكلمة البسيطة القريبة من قلوب الناس، وهي التقنية التي باتت سر نجاح الأغاني العربية.
لكنَّ تحول قصيدتها "من بعد مزح ولعب" إلى أغنية شهيرة تقف خلفه حكاية أخرى. إذ كانت بت جدة قد شكلت ثنائياً مدهشاً مع المطرب فوزي محسون، وكتبت له قصيدة غنائية بعنوان "لا وربي"، لكنَّ كلماتها التي لحنها محسون ذهبت إلى الفنان محمد عبده بناء على إلحاح من الأمير الشاعر عبدالله الفيصل ومحمد حسين أصفهاني.
أرادت ثريا تعويض محسون فمنحته قصيدة "من بعد مزح ولعب" التي لحّنها وغنّاها ليبثَّها التلفزيون السعودي للمرة الأولى العام 1961. نالت الأغنية استحسانnالجمهور وحققت شهرة كبيرة دفعت الكثير من الفنانين إلى غنائها من أمثال طلاح مداح وعبادي الجوهر وطلال سلامة، ثم تهافت المغنون على تأديتها مثل ماجد المهندس وعبد المجيد عبدالله.
ظهر النص الأصلي للمرة الأولى عبر الشرق بودكاست.