عمل تايلر براون لأكثر من عقد في شركة سايكو إنترتينمنت، التي انطلقت منها فرق موسيقية شهيرة مثل ون دايركشن وفيفث هارموني حين كان أعضاؤها لا يزالون في سن المراهقة. وكان برنامج ذا إكس فاكتور هو بوابتهم السحرية نحو الشهرة. يقول براون، الذي شارك مؤخرًا في تأسيس شركة التسجيلات المستقلة هيتويف ريكوردز: "كنا نأخذ مراهقين من الشارع، ونضعهم على شاشة التلفاز أمام 15 مليون مشاهد مرتين في الأسبوع، وبنهاية الموسم يصبحون نجومًا. ثم نصدر ألبومًا خلال بضعة أشهر، ويصل مباشرة إلى المرتبة الأولى. كل ذلك خلال أقل من عام".
لكن وبعد أكثر من عقد، بات من النادر جدًا أن نشهد نجومًا مراهقين. يظهر ذلك جليًا من خلال قائمة Billboard 21 Under 21 السنوية التي تسلط الضوء على الجيل الجديد من الفنانين الصاعدين. قبل عشر سنوات، كانت القائمة مليئة أبسماء مألوفة مثثل بفيفث هارموني، فايف سيكندز أوف سامر، لورد، شون مينديز، وتروي سيفان. وفي عام 2021، ضمّت القائمة كلًا من أوليفيا رودريغو وبيلي إيليش.
أما هذا العام، فلا يوجد أي نجم بوب ضخم دون سن الـ21.
يعلّق مايك وايس، نائب رئيس قسم الموسيقى ورئيس A&R في شركة UnitedMasters، قائلاً: "لم يعد هناك منصة مركزية يكتشف الناس من خلالها الفنانين. كل شيء أصبح متخصصًا وفئويًا. الوصول إلى مستوى النجومية الآن يتطلب وقتًا طويلًا للتوسع من مجتمع إلى آخر وبناء القاعدة الجماهيرية تدريجيًا".
أما براون فيوافقه الرأي ويضيف: "هذه العملية تستغرق الآن وقتًا أطول بكثير مقارنة بسنوات الذروة لبرنامج The X Factor". العديد من الفنانين الذين حققوا اختراقًا كبيرًا مؤخرًا، فعلوا ذلك في منتصف العشرينات من عمرهم بعد سنوات من العمل. أصدرت سابرينا كاربنتر خمسة ألبومات قبل أن تحقق شهرتها بألبومها السادس، وأصدر نوا كاهان ألبومين قبل أن يصل ألبومه الثالث إلى الجمهور العام. حتى مسيرة نجم موسيقى الكانتري جيلي رول تبدو سريعة مقارنةً بغيره، رغم أنه لم يحقق النجاح الواسع إلا بعد إصداره للألبوم الثامن.
يقول بين مداهي، نائب الرئيس الأول في Columbia Records، في حديث لـNME عام 2023: "في السابق، كان من الممكن بناء نجم خلال 18 إلى 36 شهرًا بعد توقيع العقد مع شركة كبرى. أما الآن، فالأمر قد يستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات. لم يعد الأمر يحدث بسرعة".
في العقود الماضية، كانت البرامج التلفزيونية ومحطات الراديو المحرك الأساسي لاكتشاف المواهب. وكانت شركات الإنتاج الكبرى تمتلك أدوات التسويق والعلاقات الكافية لإغراق هذه المنصات بأعمال الفنانين، مما يدفع الجمهور لشراء الألبومات أو الأقراص أو التحميلات الرقمية. ومع بزوغ عصر وسائل التواصل، بدأت الشركات باكتشاف المواهب من منصة يوتيوب مثل جاستن بيبر وتروي سيفان، أو منصة فاين مثل شون مينديز، ثم إدخالهم في آلة الإنتاج الكبرى لصناعة نجوم البوب.
لكن جمهور اليوم موزّع على مجموعة واسعة من خدمات البث ومنصات التواصل، لكل منها أولوياتها وأسلوبها الخاص في التعامل مع الموسيقى. ويُظهر تقرير صادر عن Edison Research عام 2024 أن الجمهور الشاب، الأكثر احتمالًا لاكتشاف النجوم اليافعين، يعتمد في استكشافه للموسيقى على سبوتيفاي وتيك توك. أما من تتراوح أعمارهم بين 35 و54 عامًا، فيفضلون يوتيوب والبث الإذاعي. أما الجمهور فوق 55 عامًا، فلا يُعتبر تيك توك مصدرًا لاكتشاف الموسيقى إطلاقًا، وتبقى الإذاعة المصدر الأهم له.
وقد شمل تقرير Edison استطلاعًا حول 14 مصدرًا محتملاً لاكتشاف الموسيقى، وكان يمكنهم طرح المزيد، إذ لم يتطرّق التقرير مثلًا إلى دور الصحافة الموسيقية في هذا المجال. وفي هذا المشهد المتشظي، يقول جوناثان دانيال، الشريك المؤسس لشركة Crush Music (التي تدير أعمال مايلي سايرس ولورد): "لم يعد هناك زر واحد نضغطه للوصول إلى الجميع في الوقت ذاته. الثقافة تشظت، ولهذا بات بناء نجم جديد يستغرق وقتًا أطول".
في المقابل، سمحت منصات الفيديو القصير مثل يوتيوب للأغاني بالانتشار بسرعة غير مسبوقة، لكن شركات الإنتاج كثيرًا ما تجد نفسها مضطرة لمواجهة الفجوة الهائلة بين النجاح السريع وبناء مسيرة فنية مستقرة. يوضح أولي شيبرد، نائب رئيس النشر في Artist Partner Group: "في السابق، كنا نفكر: كيف نحول هذا الفنان إلى نجم عالمي يمكنه أن يفعل كل شيء؟ أما اليوم، فالنجاح يأتي أولًا للأغنية، ثم نبدأ في بناء صورة الفنان من حولها".
وهذا ما يصعّب المهمة، إذ إن بعض المراهقين لم يكونوا يطمحون أصلًا إلى مسيرة موسيقية قبل أن تنتشر أغنيتهم بشكل مفاجئ ويحصلوا على عقد إنتاج. لذلك، ليس من المستغرب أن "العديد من شركات الإنتاج واجهت صعوبة في تقديم أعمال متابعة لهؤلاء الفنانين الشباب"، بحسب براون. "الفنان بحاجة إلى أغنيتين أو ثلاث على التوالي حتى تبدأ صورته في الترسّخ فعليًا".
تُظهر السنوات الخمس الأخيرة أن مسار بناء النجومية لا يمكن تسريعه، حتى في زمن تنتشر فيه الأغاني بين ليلة وضحاها. يقول مداهي: "العديد من الفنانين الذين يُوقّع معهم عقد بسبب نجاحهم على تيك توك، يكونون موهوبين ولكن غير مستعدين. وبعد توقيع العقد، يتبيّن أنهم بحاجة إلى عامين على الأقل ليكتسبوا المهارات الأساسية". ويضيف: "إذا كنت توقّع مع شاب في الخامسة عشرة من عمره من تيك توك، فمن المرجح أنه لم يقم بجولة من قبل، ولم يؤدّ حفلاً حيًا، ولم يدخل استوديو تسجيل محترف".
إضافة إلى ذلك، يرى بعض التنفيذيين أن صناعة الموسيقى لم تعد تهتم بإطلاق نجوم جدد كما كانت تفعل في السابق، فمثلًا، الفنانة شابيل رون تم الاستغناء عنها بعد أول تجربة لها مع شركة كبرى، لكنها انفجرت جماهيريًا بعد أربع سنوات. وفي ظل سوق مليء بالأغاني السريعة الانتشار، وجمهور منقسم إلى شرائح متخصصة، تتبنّى العديد من الشركات نهج "فلنوقّع مع عدد أكبر من المشاريع الصغيرة، والتي تُشكل مجموعها ما يعادل نجمًا"، كما يقول ليون مورابيا، شريك في شركة Mark Music & Media Law. "لكن هذا مختلف عن اختيار فنان فقط لأنه موهوب أو يمتلك كاريزما لافتة".
ومع ذلك، لا يزال بإمكان الفنانين الشباب بناء مسيرة ناجحة داخل مجالهم الخاص حتى إن لم يعرفهم الجمهور العام. يقول جيف فون، مؤسس ومدير شركة Signal Records: "هناك مساحة كبيرة للفنانين كي يحققوا نجاحًا هائلًا في نطاق محدد، لكنه ليس ذلك النوع من النجاح الذي يجعله معروفًا عند كل فئات الجمهور. الوصول إلى ذلك المستوى من الانتشار بات يستغرق وقتًا أطول بكثير الآن".
ظهرت المقالة الأصلية للمرة الأولى لإلياس لايت على موقع بيلبورد Billboard.com