بدأ فصل جديد من مسيرة فيروز في ألبوم معرفتي فيك، سنة ١٩٨٤، عندما سلّمت ابنها زياد الرحباني الدفة ليقود مشروعها الفني. لم يكن معرفتي فيك التعاون الفني الأول الذي جمع الأم بابنها؛ فحكاية اللحن الأول تعود لعام ١٩٧٣، عندما أعجبت فيروز بلحن أغنية أخدوا الحلوين، الذي وضعه زياد لصديقه مروان محفوظ، فعاد وقدّمه لها ليكتب منصور الرحباني له كلمات سألوني الناس. لحّن زياد بعدها لفيروز عدة أغانٍ، تماشت مع أسلوب الأخوين الرحباني، حتى جاء في ألبوم معرفتي فيك ليفرض رؤيته التي أدخلت إلى الأغنية الفيروزية نغمات وتوزيعات موسيقية مُختلفة، معروفة اصطلاحًا باسم الجاز الشرقي. في ألبوم معرفتي فيك، قاد ثورة فيروز على صورتها القديمة.
يتكون ألبوم معرفتي فيك من إحدى عشرة أغنية؛ بينها خمسة مقاطع موسيقية استعرض فيها زياد ستايله الموسيقي ورسم ثيمة الألبوم. المُلفت أن زياد الرحباني قد بنى هذه الثيمة بالاستناد إلى واحدة من أغاني فيروز الأيقونية في عهد الأخوين الرحباني، وهي أغنية حبيتك بالصيف، التي قدمتها فيروز لأول مرة في مسرحية يعيش يعيش عام ١٩٧٠. وظّف زياد لازمة الأغنية في مقطعين أسماهما الأولى والثانية، ورسم حدود الألبوم بمقطوعتي مقدمة ٨٣ وإعادة ٨٣. بنت هذه المقاطع هوية موسيقية للألبوم تجّلت بشكل أوضح في توزيع موسيقي جديد قدّمه في لحن تراب عينطورة، التي استعادها من تراث الأخوين الرحباني. ضم الألبوم أيضًا ست أغنيات أصلية، لحنها زياد وتعاون في كتابة بعضها مع جوزيف حرب.
أما الأغنية الرئيسية في الألبوم، معرفتي فيك، فكتبها ولحّنها زياد، وهي تختزل ثورة فيروز المتأخّرة بتفاصيلها الغنية. نستمع فيها إلى صوتها وقد تحرر تمامًا من قيد الأخوين الرحباني مع تنغيمات تقود اللحن في مطلع الأغنية. كما تبدو كلماتها العاطفية أكثر خفة ومُباشرة، وأكثر واقعية إذا ما قارناها بأغانيها القديمة الغنية بالصور الشعرية والمستوحاة من الطبيعة والضيعة اللبنانية. ترسم فيروز في هذه الأغنية الحالة العاطفية العامة، لتستكمل حكايا واقعية مستمدة من يوميات الحياة في أغانٍ أخرى من الألبوم؛ وتحديدًا خليك بالبيت وما قدرت نسيت. أما عودك رنان فتنتمي إلى الأسلوب الموسيقي في التجارب الأولى التي جمعت فيروز بزياد. ضمَّ الألبوم أيضًا أغنيتين من أجمل الأغاني الوطنية التي غنتها فيروز للبنان، وهي أغنية لبيروت وأغنية رح نبقى سوا. تشكّل الأخيرة صلة الوصل بإرث فيروز، أما كلماتها فتحمل معانٍ تحاكي الواقعية العاطفية التي يرسمها الألبوم.