من الصعب التوقف أمام مشوار محمد منير الفني بدون أن نتأمل التطور والنضج الذي اختبره منذ بداياته حتى وقتنا الحالي، وبالتأكيد أثر نشأته وطفولته وما تعرض له في كل ما يقدمه من فن. يمكننا أن نلمس في شخصيته الفنية بسهولة آثار نشأته بقرية منشية النوبة بأسوان حيث الهدوء و الصفاء. أما في فترة صباه فعاش مأساة التهجير من قريته، الأمر الذي ملء حنجرته بالحزن والشجن. وبعدما أنهى دراسته في كلية الفنون التطبيقية،اتجه منير إلى الغناء الذي كان مولعًا به منذ صغره، فشكّل حين ظهوره حالة استثنائية اختلفت عمن سبقه من مطربين في كل شيء، بدءًا من مظهره حتى صوته وأدائه وكلمات أغانيه، وتوزيعات موسيقاه التي كانت أقرب للجاز بإيقاعات نوبية.
حرص منير على انتقاء الموضوعات التي يقدمها، وساعده على ذلك احتكاكه الدائم بنوع معين من الشعراء والصحفيين والملحنين الموسيقيين الذين تعاون معهم باستمرار، ومنهم هاني شنودة ويحيى خليل وأحمد منيب ومجدي نجيب وسيد حجاب وصلاح جاهين. وبمجرد أن أصبح له قاعدة جماهيرية لايستهان بها، قرر ربط الماضي بالحاضر عبر إعادة إحياء الأغنيات الطربية على طريقته الخاصة، بموسيقى تتناسب مع اللون الذي يقدمه للفنانات اللواتي أثَّرن في نشأته.
نجاة الصغيرة
قدَّم منير عام ٢٠٠٠ في ألبوم في عشق البنات أكثر من أغنية مميزة ولعل أبرزها أنا بعشق البحر من كلمات عبدالرحيم منصور و ألحان هاني شنودة وهي في الأصل لقيثارة الغناء العربي نجاة الصغيرة. كانت نجاة قد قدّمت الأغنية عام ١٩٨٣ ضمن ألبومها عيون القلب بعد أن غنتها لأول مرة عام ١٩٨١. وقد روى هاني شنودة ومنير سابقًا في إحدى المقابلات أن منير هو أول من غنّاها بصوته لتقديمها لنجاة كما جرت العادة في ذلك الوقت إذ لم يكن هاني شنودة يحب صوته فكان دائمًا ما يستعين بمغني لتأدية ألحانه عند عرضها على النجوم. لم يتوقف حب منير لنجاة عند هذا الحد فضمَّ في ألبومه أحمر شفايف عام ٢٠٠٣ كوفر لأغنية لولا السهر برؤيته الخاصة بالاشتراك مع حميد الشاعري الذي وزّع هذه النسخة من الأغنية.
شادية
بالحديث عن ألبوم أحمر شفايف فقد ضمَّ أيضًا استعادة لأغنية آه يا اسمراني للفنانة شادية من كلمات الشاعر عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي. وزَّع محمد مصطفى هذه النسخة بشكل مختلف عما غنتها شادية سابقًا. لم تكن هذه المرة الوحيدة التي أدّى فيها منير أغنية لشادية فقد استعاد عن استضافته في برنامج حدوتة مصرية مع المذيعة شافكي المنيري أغنية يا عيني على الولد والتي قدمتها شادية سابقًا ضمن أحداث فيلم "شئ من الخوف" وهي الأغنية نفسها التي افتتح بها حفله في دار الأوبرا المصرية في رمضان ٢٠٠٩. وبالطبع لن ننسى أنه قدم عام ١٩٩٦ في ألبوم من أول لمسة أغنية يا حبيبي عود لي تاني من توزيع أشرف محروس.
وردة
في ألبوم أنا قلبي مساكن شعبية عام ٢٠٠١ قدم واحدة من أجمل الكوفرات لأغنية حكايتي مع الزمان بتوزيع عازف الجيتار رومان بونكا، وهو صديقه وشريك نجاحه في العديد من الأعمال بالإضافة لكونه أحد أعضاء فرقته الموسيقية. كتب كلمات الأغنية محمد حمزة ولحنها بليغ حمدي لتكون مليئة بالحزن والشجن، لكن التوزيع الجديد وأداء وخامة صوت منير أضفى عليها بعدًا آخر من الحزن. لاقت نسخة منير بعض الانتقادات من جمهور الطرب حين صدورها، ولكن الجمهور أنصفها لاحقًا مع ترقبها بلهفة كل حفلة حية يحيها منير. صدرت الأغنية في الأصل بصوت وردة عام ١٩٧٤ ضمن أحداث فيلم حكايتي مع الزمان الذي حقق نجاحا كبيرًا في دور السينما المصرية وقت عرضه.
ليلى جمال
اشتهرت ليلى جمال بأدوراها التمثيلية أكثر من الجانب الغنائي في حياتها رغم امتلاكها صوتًا جميلًا، وتعتبر أغنية شئ من بعيد نداني واحدة من أشهر أغنياتها التي قدمتها للجمهور عبر فيلم النداهة عام ١٩٧٥ من بطولة ماجدة وشكري سرحان والأغنية من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان محمد الموجي. من الواضح أن منير كان مولعًا بالأغنية في شبابه، وفي عام ٢٠٠١ قدّمها ضمن ألبوم أنا قلبي مساكن شعبية بتوزيع مختلف من توقيع أشرف عبده، وقد أعاد هذا التوزيع العصري إحياء الأغنية مرة أخرى لجيل جديد من الجمهور.
صباح
قدَّم منير عام ٢٠٠٨ في ألبوم طعم البيوت ألوانًا غنائية متنوعة، وصدر هذا الألبوم بعد غيابه عن جمهوره ثلاث سنوات فكان الجميع في منتهى الحماس لاستقباله. لم يخيب الألبوم الظنون، خاصةً مع ربطه بين الماضي والحاضر بتقديم أغنية يا أبو الطاقية والتي غنتها صباح سابقًا ضمن أحداث فيلم ٣ نساء عام ١٩٦٨ حيث كانت تجسد دور مطربة اسمها شمس، وكتبها ولحّنها الأخوان الرحباني. لم يتوقف حب منير لصباح عند هذا الحد ففي عام ٢٠٠٩ غنّى في حفله بنادي سموحة لأول مرة ساعات ساعات، وهي التعاون الأول والأخير للصبوحة مع الشاعر عبدالرحمن الأبنودي أما اللحن فهو للموسيقار جمال سلامة. كانت الأغنية الأصلية قد كتبت على مراحل، إذ كانت أولى محاولات جمال سلامة في التلحين بعد عودته من روسيا، حتى سمعها المخرج أحمد يحيى وقرر ضمها لفيلم ليلة بكى فيها القمر عام ١٩٨٠ وبالفعل عرضها على الشحرورة التي تحمست لغنائها.
شريفة فاضل
بعد غياب أربع سنوات أصدر منير ألبوم يا أهل العرب والطرب عام ٢٠١٢ وكان من ضمن أغنياته حارة السقايين، وهي واحدة من أشهر أغاني شريفة فاضل، من كلمات حسين السيد وألحان منير مراد. بالطبع أضفى منير من لونه وموسيقاه عليها مع الموزع أسامة الهندي، فافتتحت مع صوت الترومبيت قبل يبدأ بغناء الكلمات: "مفيناش حاوريني يا كيكا مفيناش لف ودوران" على أنغام الكيبورد، لتتابع التوزيعات مع توليفة مكونة من الناي والطبلة والرق بصياغة الإيقاع الشرقي. ولعل أفضل وأشهر أداءات منير الحية لهذه الأغنية جاءت بالاشتراك مع نانسي عجرم على مسرح برنامج عرب آيدول، وقد حظيت بملايين المشاهدات.
إن كنتم من محبي منير اقرأوا المزيد من النصوص عنه على بيلبورد عربية: