في السابع من فبراير/ شباط 2024، فقدت الساحة الفنية الشاعر والفنان التشكيلي مجدي نجيب، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 88 عامًا بعد صراع مع المرض. نجيب، المولود في 29 مايو/ أيار 1936 بالقاهرة، ترك بصمة لا تُمحى في عالم الشعر والغناء.
انتمى مجدي نجيب إلى جيل الستينيات، وبرز كشاعر غنائي وتعاون مع نخبة من نجوم الوطن العربي، مقدمًا أعمالًا خالدة أثرت المكتبة الموسيقية العربية. وإلى جانب ذلك كان له إسهامات مميزة في مجال الفن التشكيلي، حيث أقام العديد من المعارض الفنية التي جسدت رؤيته الإبداعية.
بالتزامن نع إعلان دار ديوان حصولها على الحقوق الحصرية لنشر أعماله الأدبية والفنية، وإطلاق روايته الوحيدة "ولد وأربع بنات"، نستعيد معًا أبرز كلماته الشعرية التي تغنى بها كبار الفنانين.
مجدي نجيب بين الكلمات والصور
نال مجدي نجيب لقب "شاعر الألوان" ربما بسبب براعته في توظيف الكلمات والألوان للتعبير عن مشاعره، أو لقدراته الإبداعية الفريدة التي تجعله يحول الألوان إلى أحاسيس ملموسة. ورغم موهبته الكبيرة لم يكن يسعى وراء غزارة الإنتاج، بل كان يؤمن بأن جوهر الشعر يكمن في الصدق العاطفي، حيث يعبر فقط عما يشعر به ويستطيع صياغته بإحساس عميق. انعكست في أشعاره أيضًا نزعة القلق الوجودي وثقافة السؤال والشك التي فضلها على اليقين المطلق.
تعاونه مع العندليب الأسمر
تغنى بأشعاره العديد من نجوم الزمن الجميل، ومن أبرز أعماله أغنية "كامل الأوصاف" التي كتبها للفنان عبد الحليم حافظ، ولحنها محمد الموجي. تعد هذه الأغنية واحدة من كلاسيكيات الطرب العربي، حيث امتازت بكلماتها العذبة التي تصف المحبوب بأجمل الصفات، إلى جانب لحنها الساحر الذي ظل حاضرا في أذهان المستمعين حتى اليوم.
اقتبس من الفلكلور لتغني شادية
أغنية "قولوا لعين الشمس ما تحماشي" تنتمي كلماتها إلى الفلكلور المصري، لكن مجدي نجيب أعاد كتابتها بأسلوبه الخاص، وقد تعاون فيها مع الملحن بليغ حمدي وذلك لتؤديها الرائعة شادية. ورغم أن الأغنية تبدو للوهلة الأولى عاطفية، تحكي قصة فتاة تودع حبيبها الذي ستشتاق إليه، إلا أن البحث في خلفيتها التاريخية كشف عن أنها كانت تغني قديما كتحية لأحد أبطال مصر خلال فترة الاحتلال الإنجليزي وذلك قبيل تطبيق عقوبة الإعدام عليه، الأمر الذي منحها بُعد وطني عميق يتجاوز مضمونها العاطفي الظاهر.
علاقته الاستثنائية بالكينج منير
كان نجيب من أوائل الداعمين لمشروع منير الموسيقي، حيث قدم له كلمات تعبر عن الحرية والحب والبحث عن الذات، بأسلوب شعري مميز يجمع بين العمق والبساطة، وذلك إيمانًا بموهبته ورؤيته المختلفة، مما أثمر عن حوالي 22 أغنية منها "من أول لمسة" و "حواديت" و "ممكن". ومن بين هذه الأعمال المميزة، نسلط الضوء اليوم على واحدة من أجمل الأغنيات التي جمعتهما، وهي "شبابيك" التي صدرت ضمن ألبوم يحمل الاسم نفسه عام 1981.
في إحدى مقابلاته كشف الشاعر الراحل أن فكرة الأغنية راودته لأول مرة عندما كان محبوسًا بسبب نشاطه السياسي، لكنها لم تُكتب إلا بعد خروجه من السجن. ومع ذلك أوضح أن التجربة لم تنتهي بخروجه، إذ ظل أسيرًا للقيود والتبعات التي حالت دون قدرته على العمل بحرية، مما انعكس في كلمات الأغنية التي تحمل معاني التحرر والبحث عن الأفق المفتوح.
أحمد منيب يتغنى بكلماته الصادقة
"الحب ليه صاحب" تُعد واحدة من أبرز روائع الراحل أحمد منيب، حيث جاءت كلماتها العذبة بتوقيع مجدي نجيب، ولُحنت بأسلوب مميز يجسد الطابع النوبي الأصيل، قدم الثنائي من خلالها عملًا فنيًا يعكس أهمية الحب والصدق في العلاقات الإنسانية.
تحمل الأغنية بعدًا فلسفيًا عميقًا حيث تدعو المستمعين إلى التأمل في مشاعرهم وعلاقاتهم، كما تؤكد على أن الصدق هو الأساس في بناء روابط إنسانية قوية مما جعلها واحدة من الأعمال التي تركت بصمة واضحة في ذاكرة الجميع.
حتى الشحرورة صباح التي اشتهرت بأغانيها المفعمة بالحب والدلع، قدمت إحدى أغانيها بكلمات مجدي نجيب، وذلك من خلال أغنية "جاني وطلب السماح" التي لحنها لها بليغ حمدي. جاءت الأغنية بطابع طربي مميز، تألقت فيه صباح بصوتها العذب حيث تناولت قصة حبيب نادم يعود معتذرًا بعد أن أخطأ في حق محبوبته، التي بدورها تسامحه في النهاية بدافع الحب، ليعكس العمل مشاعر الصدق والمغفرة في العلاقات العاطفية.