شهدت الأشهر القليلة الماضية نشاطًا فنيًا لافتًا لنوردو سواء من حيث الإصدارات المنفردة أو التعاونات التي أضافت إلى رصيده الموسيقي طابعًا متنوعًا. من أبرز تلك المحطات تعاونه مع الفنان رامي جمال في يوليو الماضي من خلال أغنية "زي الخطاف" ثم أغنية "عيشك" التي شكلت أول تعاون له مع سانت ليفانت وصدرت ضمن الأغاني الإضافية المرتبطة بألبوم "رسائل حب" في أغسطس.
بعد مرور ثلاثة أسابيع فقط على صدور أغنيته السابقة "تمام" عاد نوردو ليطرح تراكًا جديدًا بعنوان "مكتوب"، والذي جاء هذه المرة مختلفًا تمامًا في المزاج والنبرة عن سابقه، ومحمّلًا بالوجد والحنين، يأخذ المستمع في رحلة عاطفية.
نوردو يكتب حزنه ويغنيه
يفتتح "مكتوب" على نغمات العود كأنها إنذار مبكر بدخول منطقة وجدانية، قبل أن يبدأ نوردو في الغناء عن الاشتياق والخذلان، مخاطبًا حبيبته السابقة بلغة سهلة وبسيطة ولكن مؤثرة، ثم يردف:"وكيف أنا هنت عليك/ ما رضيت نهار نبكيك/ وما تحكيلي على أسباب".
في هذه السطور تتجلى الحيرة والتساؤلات الداخلية التي يعيشها أي شخص مر بتجربة فراق غير مفهومة الأسباب. وبرغم كل الألم يختار نوردو أن يحتفظ بذكرياته الجميلة معها بل ويتمنى لها الخير في لحظة نادرة من التصالح مع الألم.
كتب نوردو كلمات الأغنية بنفسه كما اعتاد في معظم أعماله، بينما تولى الإنتاج الموسيقي Airybeats. أما الفيديو الكليب فقد تم تنفيذه بتقنية الذكاء الاصطناعي.
حكم أولي
منذ أن تعرفنا عليه لأول مرة في أغاني مثل "دنيا"، كان أبرز ما يميز نوردو دومًا هو خامة صوته وبحته الفريدة التي تمنحه قدرة استثنائية على إيصال المشاعر، خصوصًا في الأعمال ذات الطابع الحزين مثل "مكتوب". في هذا التراك يتحول نوردو إلى راوي لحكاية حب انتهت، فيبدو كأنه أحد أصدقائك الذي يبوح لك بما يثقل قلبه، وهذه ميزة لا يملكها كثير من الفنانين.
الموسيقى اعتمدت بشكل أساسي في بداية التراك على الآلات الوترية وتحديدًا العود، وهو خيار موفق جدًا كبداية، لكنه لم يتطور موسيقيًا بشكل ملحوظ في باقي التراك. رغم ذلك ظل صوت نوردو هو البطل الرئيسي مدعومًا بكلمات بسيطة وصادقة.
أما الفيديو كليب فيُعد نقطة الضعف الوحيدة في العمل. استخدام الذكاء الاصطناعي بات متكررًا إلى حد كبير في الأغاني العربية، ولم يخدم أيًا منها وخاصةً الأغاني العاطفية بإيصال أية رسائل إضافية، بل قد ينتقص من أثرها الوجداني.
عدا عن ذلك، فقد قدم نوردو عملًا صادقًا ومؤثرًا، يليق ببدايات فصل الخريف حين يميل بعضنا للتأمل وتصفية الذهن. هو تراك يُسمع أكثر من مرة ويترك في النفس كل مرة شيئًا من الحنين الهادئ، ليؤكد مرة أخرى أن نوردو يعرف جيدًا كيف يغني ما نشعر به، لا ما نريد سماعه فقط.