لم يعد النجاح في عالم الموسيقى أمرًا نادرًا. في زمن المنصات الرقمية، قد يكفي تراك واحد لينقل فنانًا من الظل إلى الأضواء في لحظات. لكن التحدي الحقيقي يبدأ بعد الصعود: كيف يتكرر النجاح؟
منذ انطلاق قوائم بيلبورد عربية في ديسمبر 2023، شهدنا حالات لافتة لفنانين حققوا دخولًا قويًا بأغانٍ ضاربة، لكنهم لم يتمكنوا من مواصلة الزخم في الإصدارات التالية.
في هذا التقرير، نرصد بعض تلك القصص، ليس للحكم على أصحابها كـ نجوم ضربة واحدة (One Hit Wonder)، بل لفهم طبيعة النجاح السريع، ولماذا يصعب أحيانًا تحويله إلى مسيرة فنية راسخة.
لميس كان – "مسيطرة"
حين أطلقت لميس كان أولى أغانيها "مسيطرة" في صيف 2021، لم يكن أحد يتوقع أنها ستصبح من أكثر الأغاني العربية انتشارًا. ومع انطلاق قائمة هوت 100 عربية، وصلت الأغنية إلى المرتبة الثامنة، واستمرت على القائمة 80 أسبوعًا متتاليًا- وكلها أرقام قياسية مذهلة
لكن لم تتمكن لميس من تكرار التأثير ذاته في أغانيها التالية. رغم أن "متمكنة" لاقت بعض الرواج، إلا أن الانفصال الفني عن الشاعر مصطفى حدوتة (صاحب بصمة "مسيطرة")، إلى جانب غياب الانسجام بين صورتها الإعلامية وشخصية الأغنية، خلقت فجوة أثّرت على استمراريتها.
ورغم ذلك، فإن المصالحة الأخيرة بينها وبين حدوتة قد تعيد الحياة للتعاون الذي أطلقها بقوة في البداية.
مها فتوني – "الصبر جميل"
في فبراير 2023، أبهرت مها فتوني الساحة بأغنية "الصبر جميل"، التي جمعت طابعًا طربيًا مع أداء ناضج، لتبلغ المرتبة 13 على هوت 100 عربية، وتبقى على القائمة أكثر من 50 أسبوعًا.
لكن على الرغم من تعاونها لاحقًا مع نجوم مثل أحمد سعد وتامر حسني وإصدار ألبوم كامل، لم تحقّق أغانيها الجديدة حضورًا مشابهًا. لم تدخل أي منها القوائم.
قد لا تكون المشكلة في الموهبة، بل في وضوح الاتجاه الفني، والاختيارات التي لم تُقنع الجمهور بما يكفي.
محمد سعيد – "قالوا عليكي"
بعد سنوات من المحاولات، أطلق محمد سعيد أغنية "قالوا عليكي" في نوفمبر 2022، والتي غيّرت كل شيء. وصلت إلى المرتبة 12 على هوت 100 عربية، وحافظت على حضورها لأكثر من 40 أسبوعًا، ثم واصلت نجاحها على قائمة أعلى 50 أغنية إندي.
لكن هذه الأغنية بقيت لحظة استثنائية لم تتكرر. فالإصدارات التالية لم تترك الأثر ذاته، رغم أن محمد سعيد يملك حضورًا مميزًا في ساحة الإندي ويحظى بتقدير لافت بين جمهورها.
نوال عبد الشافي – "مخاصماك"
لم تحظَ "مخاصماك" بنجاح فوري عند صدورها في فبراير 2022، لكنها فجّرت مفاجأة في صيف 2023، حين أعاد الجمهور اكتشافها لتدخل قائمة هوت 100 عربية وتبلغ المرتبة السابعة، وتبقى لأكثر من 50 أسبوعًا.
الغريب أن نوال عبد الشافي لم تنجح في تكرار هذه اللحظة رغم نشاطها اللاحق ومحاولاتها السير على نفس خط "مخاصماك". حتى الآن، لم تدخل أي من أغنياتها التالية القوائم، لتظل "مخاصماك" نجاحًا مفاجئًا لم يفتح أبوابًا جديدة.