بعد قرابة ربع قرن من التواجد. وأكثر من ٢٢٠ تراك بتنويعات مختلفة تمامًا عن بعضها. راب غير راقص أبدًا، وبدون أي فيديو كليب على الإطلاق لكل تلك الأغاني. هادي وصامت، لكنه لا يتوانى عن الإدلاء بتصريحات لا ترحم تجاه كل شيء لا يعجبه. تمر اليوم مسيرة رجل تجاوز ال ٤٠ بعامٍ واحد. نحتفل معه بالنظر بشكل أعمق إلى تجربته الاستثنائية، للوقوف على مناطق قوتها وضعفها.
الرابر لمورفين بدا من أكثر الظواهر فرادة في مشهد الهيب هوب المغاربي لأسباب متعددة على رأسها أنه لا يوجد عامل واحد من العوامل المرتبطة بمسيرته من الأسلوب الأدائي والكتابي، أو حتى طريقة إدارته لمسيرته كان يرجح وجوده لسنوات ضمن أهم الأسماء البارزة بالمشهد المغربي، خاصة مع شدة التنافسية التي يشهدها هذا المشهد وغزارة الأسماء الموجودة.
سنوات أولى مبشرة
كان مجرد طفلً هاوٍ عندما أمسك المايك لأول مرة في سن ال 14. بالتحديد في عام 1998، وقتها كان متأثرًا بإصدارات جيل التسعنيات. ستمر 6 سنوات بعد ذلك ليبدأ مسيرته تحت المحترفة الأولى باسم "M- Psy". أصدر بعض التراكات التي ركزت على انتقاد الوضع الإجتماعي المغربي والحديث عن الهيب هوب كفن بديل قادر على إحداث تغيير على الساحة الفنية حينها وضخ دماء جديدة.
ربما لم يجد وقتها التقدير الكافي الذي اعتقد أنه يستحقه. فكر سريعًا أنه يحتاج للانضمام إلى كيان يساعد على تطوير أفكاره، بالتعاون مع فنانين آخرين يمكنه توسيع رقعة مستمعيه. انضم لفرقة "Piranha -Labo" التي كانت أشبه بمشروع تجميعي انطلق منذ 2003 بهدف خلق تعاونات بين رابرز هذا الجيل الصاعدين.
في هذا المشروع بدأت ملامح أولى تظهر لأسلوبه الفني حيث تميز بقدرته على بطء وسرعة الإيقاع الأدائي له، كما قدم تبجح مُطعم بالمصطلحات العلمية مثل " احنا من الو الباترون على البطرون في الحليب"، وأدخل الموسيقى الشعبية للعديد من تراكاته، كان أبرزها "تربة الفاسدة" و"نفطة" بالتعاون مع نيترو.
بينما خلال الفترة بين عام ال2006 وال2009 بين وجوده بالفريق وإستقلاله أطلق ميكستيبين بعناوين "ماكسي مغناطيس" و"ناقوس"، بهوية مختلفة وجريئة تحمل طابعًا غرائبيًا وتحليليًا اختلف عن أغلب الإصدارات.
"المورفينية" للدعم المتقطع المستمر
أطلق لمورفين سلسلة "المورفينية" منذ عام 2013 لا زالت مستمرة حتى الآن ب 35 إصدار متتالي. تتبع محطات مختلفة من مسيرته، في بعض الأحيان من منظور فلسفي تأملي وفي بعض الأحيان بالتركيز النقدي على ظواهر حوله، وأخرى فقط لاستعراض العضلات.
قدم أيضًا لجمهور الهيب هوب جولات مميزة في بيفات مع رابرز يختلفون عنه في الأسلوب ويتشابهون معه. لكنه أضاف في كل واحدة منها أسلوب مختلف وطريقة جديدة لرد هجوم منافسه، دون أن يشخصن الأمور مع أي رابر.
بحسب تصريحه سابقًا هو لا يرى البيف كخصومة شخصية، بل مبارزة ضد الشخصية الفنية المقابلة له، وهو ما يجعله يركز أكثر على الأسلوبية والفنيات، بدلًا من البحث في المعلومات الشخصية وإيجاد نقاط ضعف منها. ومن أبرز أعماله "Sucre Sule" و "Dragon" و "New Freestyle" و"الباتروس" و"ستان" و"المورفينيا 33" و"المورفينيا 35".
أسلوبية تفرض نفسها على المستمع
رغم إنكاره المتواصل لتأثيرات الجغرافيا والبيئة المحيطة على أسلوبية الرابر بشكل عام، نجد تأثيرات نشأته في منطقة ميدلت عليه، هذه المدينة الصغيرة البعيدة عن الصراعات تقربها مناطق جبلية، قضى فيها وقته دون صداقات كثيرة منعزلًا عن أقرانه. وضعت اللبنة التي حامت حولها كل خبراته وتجاربه بعدها من التنقل المستمر بين مراكش وكازابلانكا ومدن أخرى بالمغرب.
يلجأ لمورفين كثيرًا للغناء من الداخل بصوت مكتوم أو نبرة شديدة الهدوء، وقد يتجه في بعض الأحيان أيضًا للأداء المونولوجي الأشبه بطريقة الراوي الكلاسيكي دون أي انفعالات.
يبتعد إيقاعه تمامًا عن أي حركة أو ضجة أو رقص، لا يمكن أن تسمعه في حالة انفعالية، ينفصل شعوريًا عن اللحن حتى إذا كان يتجاوز نوعًا إذا كان صاخبًا أو يحمل تشويشات أو ارتفاع للتمبو عند استعماله لجنرات فرعية عنيفة مثل الدريل.
تأثيرات أدبية طاغية على المورفين
متأثرًا بنشأته الأدبية، يظل لمورفين متحكمًا في أدائه عند مستوى لا يتخطاه. يخاطب أسلوبه الكتابي الذهن، يضيف استعارات ثقافية متنوعة من العلوم الإنسانية والطبيعية وغيرها من المجالات مثل الطب والهندسة، خالقًا حالة من الثراء التي يوظفها في تحليلات واضحة ومركزة.
ورغم ثراء قاموسه لا يتجه للاستعراض اللغوي. يُلم "ملك الميتافور" في نفس الوقت بمفردات أجيال مختلفة ويتفاعل مع وسائط الثقافة الشعبية المختلفة وخاصة كرة القدم كمشجع ودادي شغوف. وهو ما يجعله النيرد المفضل لأي مستمع هيب هوب يبحث عن الراب الجاد دون أن يشعر بأنه يتلقى محاضرة ما.
إنتاج غزير للغاية
يعد لمورفين من أكثر الرابرز الملتزمين بإصدار ألبومات وميكستيبات منذ بداية مسيرته وحتى يومنا هذا فكان أول ألبوم له هو "ماكسي المغناطيس" وتبعه بعدها ب "ناقوص" ثم "المورفين" و"توتال" و"بابريكا"، قبل أن يأخذ استراحة امتدت من عام 2013 وحتى عام 2019 قطعها بألبوم "Ink".
وخلال الخمس سنوات الأخيرة أنتج ثلاثة ألبومات بثيمات مختلفة: "جالا" في عام 2022، أخذ طابعًا كلاسيكيًا أدبيًا، و"يقين" في 2024، حيث استعان بثيمات من الثقافة الشعبية بالألعاب الإلكترونية والرسوم المتحركة وغيرها من وسائط جيل ألفا وزيد، بينما هذا العام في ألبوم "MC3" يبحث في مناطق القبح حوله بالمجتمع بوصفها لوحات بورتريهية مشوهة.
https://youtu.be/22TaiKuhEGI?si=B7o16cca2-ksYmPe
عدو للظهور ومثير للجدل بهدوء
لا يؤمن لمورفين بثقافة الفيديو كليب، يستبدلها بالفيديوهات الفنية المليئة بالرسوم والمؤثرات البصرية والاقتباسات البصرية من العاب الفيديو والمسلسلات وغيرها من الوسائط، وتركز دائمًا أغلفة أعماله على أن تحمل إشارات أو رمزيات ثقافية وأدبية، أو إحالات تاريخية تعود لأزمنة مختلفة.
يتواصل مع جمهوره ويعبر عن آرائه خارج الفن عن طريق تدوينات على صفحته الشخصية على موقع إكس / تويتر. لم يراه الجمهور متفاعلًا مع الوسائط الإعلامية إلا بمشاركاته في برنامج مواهب الراب الشهير "Jam Show" أو مؤخرًا هذا العام والعام الماضي في مؤتمرات صحفية وحلقات بودكاست مختلفة،






