لا يعني هيفاء وهبي في هذه المرحلة من مسيرتها إصدار ألبومات طويلة كثيرة الأغنيات، أو تجريب ألوان موسيقية مختلفة ولهجات جديدة، بل تصب تركيزها مع اقتراب كل صيف لتقديم أغنية الموسم الحيوية الراقصة التي تشبهها وتشبه ما اعتاد عليه جمهورها وأحبه. في أغنيتها الجديدة الصادرة اليوم ما بضعفش استمرار لهذه الرؤية، إذ تسير فيها الإيقاعات الراقصة جنبًا إلى جنب مع مفردات الكبرياء وعزة النفس التي قد تصل حد السخرية والتهكم بمن خسرها أو آذاها. تبنت هيفاء المفردات هذه مع صدور توتة توتة قبل حوالي الخمس سنوات، واستمرت بها في الأغنية الجديدة بإصرار، وإن لمسنا نبرة حزينة خفية تشعرنا أنها تغني عن قصة حب من طرف واحد تحاول تجاوزها: "جمدت قلبي واستقويت لما اتنسيت/ مابقتش أشغل دماغي بيه".
إلى جانب أسلوب كتابة الكلمات، تشترك معظم أغنيات هيفاء الصادرة مؤخرًا، بتوزيع موسيقي إيقاعي بحت، مشبع بصوت الطبلة الشرقية التي تُفرد لها المساحة على امتداد اللحن، بما يتناسب مع غنائها باللهجة المصرية التي تليق بها. أما في أغنية ما بضعفش فتظهر بصمة المنتج سليمان دميان واضحة، حيث يسحب اللحن إلى صوت غربي تمامًا يضبطه بإتقان تنفيذ الميكسينغ والماسترينغ. يستبدل التوزيع الطبلة المعتادة بإيقاعات إلكترونية، ويضفي على اللحن المزيد من النغم بإشراك آلاتي غير متوقع للكمانات، حتى أداء الآهات الذي يفتتح ويتخلل الأغنية جاء بأسلوب غربي يذكرنا بأغنيات البوب العالمية في بداية الألفينات.
كان سليمان دميان قد تعاون مع هيفاء في الماضي بتنفيذه للميكسينغ والماسترينغ في أغنيات تيجي وولد، أما في أغنية ما بضعفش فتمتد مسؤولياته إلى الإنتاج كاملًا، ليقدم لهيفاء تجديدًا صوتيًا لا يستهان به، يتحدد تأثيره ونجاحه الحقيقي مع مدى وصوله وانتشاره في حلبات الرقص لهذا الصيف.