شكّلت عروض الدي جيز في ساوندستورم 2025 العلامة الأبرز في المهرجان، ليس فقط من حيث الحضور الكثيف، بل بوصفها المؤشّر الأوضح على التحوّل العميق في ذائقة الجمهور، وقدرة الموسيقى الإلكترونية على حشد أكبر التجمعات مقارنةً بعروض الفنانين الغنائيين.
بين دي جي يفتتحون لعروض فنانين، وآخرين يقدّمون عروضًا مستقلة مكتملة العناصر، كشف ساوندستورم حجم الإقبال الجماهيري على هذا النوع الموسيقي، ومدى قدرته على خلق تجربة حيّة قائمة بذاتها، لا تقل تأثيرًا عن أي عرض غنائي تقليدي.
اليوم الأول: أسماء عالمية وتجارب صوتية متقدّمة
شهد اليوم الأول مشاركة أسماء عالمية بارزة، من بينها دي جي سنيك، وميجور ليزر ساوندسيستم، وبلاك كوفي, وكما هو متوقع، ترافق كل منها عرض مع إنتاج بصري لافت، ومنظومات صوتية عكست تطورًا تقنيًا كبيرًا في صناعة العروض الحيّة.
ورغم أنّ معظم مسارح المهرجان استضافت عروض دي جي، برزت منصة تانِل (Tunnel) بوصفها الأكثر تميّزًا، بتصميمها المخصّص لتعزيز جودة الصوت، وأجوائها التي بدت مثالية لمثل هذه التجارب الإلكترونية المكثّفة. قدّم ميجور ليزر ساوندسيستم ريمكسات لأغانٍ من المنطقة، من بينها "يما" لـديستينكت، في حين ذهب دي جي سنيك إلى مزيج موسيقي جمع بين الإيقاعات المغربية والعربية وموسيقى المهرجانات.
اليوم الثاني: تنوّع وتقاطعات ثقافية
جاء اليوم الثاني الأكثر كثافة من حيث تنوّع الأسماء والاتجاهات. مشاركات عالمية منتظرة من أنيما، وآرتبات، وأدرياتيك، إلى جانب عرض ثانٍ لـدي جي سنيك، رسمت خريطة واسعة للمشهد الإلكتروني المعاصر. وفي السياق المحلي، قدّم الثنائي السعودي ديش داش عرضًا عكس قدرتهما على مزج الموسيقى الإلكترونية بجذورهما الثقافية، ضمن إنتاج معاصر يحمل طابعًا عالميًا دون أن يفقد هويته.
شارك في اليوم نفسه أيضًا دي جي تينِس وبلوند:يش، وسط عروض بصرية يصعب اختزالها في نص مكتوب. سينوغرافيا معقّدة، تصميمات ثلاثية الأبعاد، ثيمات مسارح متعدّدة، تأثيرات سيكادلية، وعروض ضوئية ودرون، كلها عناصر تضافرت لتكريس التجربة كحدث سمعي–بصري متكامل، يتجاوز فكرة “الحفلة” إلى مفهوم العرض الشامل.
اليوم الثالث: ختام ممتدّ حتى الصباح
أما اليوم الثالث والختامي، فجاء طويل النفس، ممتدًا حتى ساعات الفجر، مع عروض توزّعت على مختلف المسارح. أسماء مثل شاولين، وألوك، وآرمين فان بيورن قدّمت عروضًا متباينة في أسلوبها، لكن متّفقة في قدرتها على بناء ذروة موسيقية متصاعدة تُبقي الجمهور في حالة تفاعل دائم.
بدوره، اختار ستيف آوكي كسر التوقّعات عبر إدراج أغانٍ عربية ضمن مجموعته، من بينها أعمال لـأحمد سعد وعمرو دياب، في خطوة لاقت تفاعلًا لافتًا، إلى جانب حركته الشهيرة Cake Me التي باتت جزءًا من هويته المسرحية. كما شهد اليوم عروضًا مثل بالو B2B فاينلمود وأسماء أخرى، أسهمت في إغلاق المهرجان بطاقة جماعية عالية، تختصر روح ساوندستورم وتجربته.
في محصّلته، لم يؤكّد ساوندستورم 2025 فقط حضور الموسيقى الإلكترونية، بل كرّسها كقوة جماهيرية أساسية، قادرة على إعادة تعريف علاقة الجمهور بالموسيقى الحيّة، وعلى صياغة مشهد جديد يتقدّم فيه الصوت، والتكنولوجيا، والتجربة الجماعية إلى الواجهة.






