كان جمهور ميريام فارس متفائلًا بأغنيتها الجديدة "لحبيبي"، وسقف التوقعات مرتفعًا. فأغنيتها الأخيرة المنفردة "هذا الحلو"، الصادرة في 2022، لا تزال تظهر من حين إلى آخر على قائمة بيلبورد عربية هوت 100. لكن ثلاثة أسابيع مرت من دون أن تسجل الأغنية الجديدة أي حضور على القوائم. فما سبب هذا الاستقبال الفاتر رغم حملة التشويق القوية؟
كتبت ميريام فارس في منشورات رافقت صدور الأغنية: "أغنية باللهجة الخليجية بتحاكي فصل الربيع بكل تفاصيله. شاركت بكتابتها وتلحينها"، وقد شاركها التجربة الملحن يوسف العماني، الذي كتب ولحن لها عدة تراكات في السنوات الماضية أبرزها الهيت العراقي "هذا الحلو" و"قومي". أما عن توزيع الأغنية فكتبت ميريام على انستغرام: "وزّعتها 8 مرات، بس ولا توزيع لمس مشاعري، فقررت وزعها بإيديّ!" وكأنها تصف طبقًا أعدته في مطبخها!
لربما قصدت ميريام هنا قيامها بمهمة نفخ الصفارة بنفسها، الصفارة التي وظفتها كصوت مرافق في لحن الأغنية، يضفي جوًّا مرحًا ويساعد الموسيقى على أن تعلق في الرأس، لكنه حين يجتمع مع كلمات بالغة البساطة، وأداء ميريام -المبالِغ في اصطناع "الدلع"- على طبقة منخفضة متواصلة دون صعود أو هبوط، يجعل المزيج ككل يبدو شديد السهولة، إلى حد يصل بالمستمع لدرجة من الملل.
الأمر لا يتوقف هنا، فمع كل إصدار جديد لميريام، تتبع الفنانة الخطوات ذاتها، وتبدأ حملة ترويجية واسعة مرافقة. تطلق بداية تحدي راقص أو دعوة تشرك فيها الجمهور، تتبعها بإصدار بنسخة كاريوكي من الأغنية، ثم تشارك فيديوهات من أدائها للأغنية في حفلات الزفاف التي تشكل جزءًا كبيرًا من نشاطها الفني. وقد سارت ميريام على نفس النهج مع "لحبيبي"، وشاركت بالفعل خلال الأسبوعين الماضيين مقتطفات من أدائها الحي للأغنية في حفلات زفاف خاصة.
لكن النسخة الحية أبرزت عيوب الأغنية بشكل أوضح، فبدا أنها تفتقر للحيوية ويصعب التفاعل معها أو الرقص عليها، على عكس أغاني ميريام الأخرى التي دائمًا ما تشعل الأجواء. لا يعني ذلك أنه ليس بوسع الفنانة تقديم أغنية رومانسية هادئة، لكن "لحبيبي" ليست أغنية مسرح أو حفلات زفاف. كما أنها حتمًا ليست الأغنية الثقيلة التي يفترض بالفنانة أن تعود بها بعد غياب. كان يمكن أن "يمشي حالها" لو أنها صدرت كأغنية خفيفة ضمن ألبوم طويل متكامل، لكن عشر سنوات كاملة مرت منذ ألبوم ميريام الطويل الأخير "آمان"، ولا يبدو أنها تمتلك مشروعًا متكاملًا جديدًا سيبصر النور في أي وقت قريبًا.
حين دخلت ميريام فارس عالم الأغنية الخليجية دخلته من أوسع أبوابه مع أغنية "مكانه وين"، عبر لحن لعبدالله القعود، وكلمات سعود الشربتلي. وأدخل الموزع طارق العاكف إيقاعات خشبة الكاسورة إلى اللحن بأسلوب بالغ الإثارة. قدّمت ميريام فارس حينها رؤية فنية متكاملة، أحكمت فيها جميع العناصر، وأضافت إليها، في الفيديو كليب وعلى المسرح، أداءً راقصًا جريئًا رسخ صورتها الاستعراضية، واستطاعت الحفاظ على هذا الزخم لسنوات.
أما اليوم فيبدو أنه لم يبقَ من هذا الزخم سوى تمسكها باللهجة، بينما أصبحت تستسهل في اختياراتها الفنية، وتفترض أن الجمهور سينبهر ويهرع للتصفيق لها إن لحنت أو وزعت أغنية بنفسها، متغاضين عن نوعية الموسيقى نفسها، وسط مشاهد موسيقية تشهد منافسة كبيرة على امتداد العالم العربي من جيل جديد بات يحدِّث الموسيقى العربية بمختلف جنراتها ولهجاتها.