نشاط مروان خوري بالحفلات كبير على امتداد العام، لكن مدينة باريس كانت بطلة الحدث في أحدث حفل حي له، إذ كانت المرة الأولى التي يغني فيها نجم الأغنية الرومانسية في "عاصمة الحب".
عناصر الإثارة في الحفل بدأت قبل صعود مروان خوري إلى المسرح حتى. فرقة "معن آند ذَ باند" بدأت بالإحماء مع الحضور بعزف مقطوعة لبيتهوفن، ثم انتقل عازفوها ليحولوا مقطوعة "فير إليز" إلى موسيقى شرقية تحمس الجمهور المكوّن من جاليات عربية متنوعة من مختلف أرجاء الوطن العربي، وانتقلوا منها إلى عزف أغاني عربية شهيرة لفيروز ورشيد طه وغيرهم.
كان أول ما لفت انتباهي هو المكان نفسه، حيث كنت لأول مرة أزور صالة فولي بيرجير التاريخية، التي تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر. تتمتع الصالة بجوٍ خاص يعكس الفخامة والتاريخ في كل زاوية، إذ يبدو بهوها وكأنه متحف مفتوح يعكس طابعًا معماريًا مميزًا. إنه مكانٌ مناسب رومانسي ويناسب موسيقى مروان خوري بكل تأكيد.
ثم جاء ظهور مروان خوري ليأخذ الحفل إلى مستوى آخر من السحر والجمال. افتتح الحفل بدويتو "يا رب" الذي صدر أساسًا كتعاون بينه وبين كارول سماحة. صدح صوته ليغني مقاطعه، فيما يرد عليه الجمهور الذي يحفظ عن ظهر قلب مقاطع كارول سماحة. بدت الافتتاحية كخير تعبير عن العلاقة الخاصة بين مروان خوري وجمهوره.
التقط مروان خوري أنفاسه وتحدث عن خصوصية الحفلة بالنسبة له.. إنها الحفلة الأولى له في باريس، "مدينة الحب" كما سماها. ورافقته بالرحلة زوجته، التي تزور باريس للمرة الأولى. تحدث مروان خوري عن المدينة التي نعيش بها حياتنا اليومية ليذكرنا برومانسيتها، قبل أن يستفيض بالحديث عن التفاصيل التي تعيدنا للحياة اليومية. أشار إلى الازدحام المروري، وكيف كان انطباعه وهو يأتي إلى المسرح عبر المترو، ليختطف ضحكات الجمهور، التي ازدادت مع تعليق جاء بصوت عالي من فتاة في الجمهور: "إذا هيك ياريتني طلعت بالمترو". كانت العلاقة بين مروان خوري والجمهور تترسخ بحميمية أكبر على مدار الحفل.
استكمل مروان خوري السهرة بتقديم باقة من أشهر أغانيه، مثل "كل ساعة" و"تم النصيب"، ثم انتقل للجلوس خلف البيانو ليؤدي أغانيه الأكثر رومانسية، مثل "كل القصايد" و"قصر الشوق" و"أكبر أناني". كما أمتعنا بأغاني لحنها وكتبها لفنانين آخرين، مثل "بتمون" لإليسا و"معقول" لفضل شاكر. فيما اختتم الحفل برائعته "مغرم" التي لحنها وكتبها في بداية الألفية لجاد نخلة، ليظل لحنها عالقًا في رأسي حتى صباح اليوم التالي.
في قلب باريس، لم يكن الحفل مجرد أمسية غنائية أخرى، بل كان لحظة دفء وحنين جمعت مئات المغتربين في الشتات على الموسيقى والأغاني التي تتشاركها ذاكرتهم.