من عائلة فنية تنتمي لقرية حدشيت جاءت دارين حدشيتي، فعمها المطرب طوني حدشيتي الشهير بـ زين العمر، ولهذا لم يكن غريبًا أن تشجعها عائلتها على الغناء في سن الثانية عشر.
بحثت دارين عن الأضواء مبكرًا، فشاركت في برنامج "كأس النجوم" عام 1998 ، ولكن الحظ لم يحالفها، فقررت صقل موهبتها بالدراسة، والتحقت بمعهد الموسيقى "الكونسيرفتوار الوطني" ببيروت، ثم عادت إلى برامج اكتشاف المواهب عام 2001 لتشارك في برنامج "ستوديو الفن"، ونالت الميدالية البرونزية عن فئة الغناء الطربي اللبناني.
كان ظهورها في "ستوديو الفن" بوابة العبور إلى الأضواء، فبدأت من بعده الغناء في المطاعم وأماكن السهر الشهيرة، وهناك شاهدتها زوجة رجل الأعمال والمنتج جورج انستاسيادس ورشحتها له، فتحمس لها وقرر تأسيس شركة انتاج خاصة لتتولى إدارة أعمالها وإنتاج ألبوماتها.
"قدام الكل" مشروع نجمة جديدة
لم تستغرق وقتًا طويلًا لتُصدر ألبومها الأول "قدام الكل" عام 2005، وضم 11 أغنية جمعت بين اللون الرومانسي والشعبي اللبناني، ولكن برزت فيه أغنية "قدام الكل"، والتي صورتها كفيديو كليب مما ساهم في شهرتها، ولم يكتف منتجها بتصوير أغنية واحدة بل صور لها أغنيتين أيضًا هما "بعدك بكل المطارح" و "كبار شوي".
https://youtube.com/embed/314o39m5ovs
نجحت دارين في أولى تجاربها، وعرفها الجمهور العربي عبر قنوات الفيديو كليب، ولم تتأخر في إطلاق ألبومها الثاني "ارتحلك قلبي" والذي صدر عام 2006 ، وضم 13 أغنية وهو عدد ضخم مقارنة بأغلب الألبومات في هذه الفترة.
في هذا الألبوم لم تبتعد دارين عن اللون الذي اختاره جورج لها، حيث ركزت على الأغاني اللبنانية ذات الطابع الرومانسي بجانب اللون الشعبي، وتعاونت فيه مع أغلب الشعراء والملحنين الذين شاركوها ألبومها الأول، مثل إلياس الناصر، ومنير بوعساف، وجورج مارديروسيان، وجورج كرم.
البحث عن الأغنية المصرية
استمرت مسيرة دارين في الصعود، وأصبحت إسما مطلوبًا في الحفلات خارج لبنان، وهو ما دفعها لاقتحام السوق المصري في ألبومها الثالث "كل القصة" عام 2008 حيث غنت لأول مرة أغنيتين باللهجة المصرية هما "أنا أحب" كلمات إيمن بهجت قمر، و"حبك غالي علي" كلمات عوض بدوي.
وكالعادة صورت من الألبوم 3 أغنيات هي "راسي على راسك" و "حبك غالي علي" و "كل القصة"، ولكن رغم انتشار هذه الأغاني إلا أنها لم تحقق نفس أصداء كليب "قدام الكل" الذي ظل العلامة الأهم والأبرز في مشوارها.
بعد هذا الألبوم اتجهت مع منتجها لتقديم الأغاني المنفردة نظرًا لارتفاع تكلفة الإنتاج، وفي لفتة مختلفة على مسيرتها قدمت مجموعة من الأغاني الوطنية لبعض الدول العربية منها أغاني بعنوان "ياكويت" و "قطر" و "خضرا تونسنا"و "يافلسطين" وجميعها عرضت في مناسبات وطنية لهذه الدول.
سر الوقوف على حافة الاعتزال!
وسط تغيرات الساحة الموسيقية تمسكت دارين بمكتشفها ومنتجها، ولم تنفصل عنه رغم العروض التي تلقتها من كبرى شركات الإنتاج، ظلت ممتنة لجورج انستاسيادس، وظل هو الآخر متمسكًا بمشروعها ودعمها حتى وافته المنية عام 2013 .
مثل رحيله صدمة أوقفت مشروع دارين الفني، دخلت في حالة حزن طويلة أبعدتها عن الساحة، حتى أنها رثته بمنشور طويل عبر صفحتها على فيسبوك في ذكرى رحيلة الأولى كتبت فيه: "دارين يا أستاذ جورج ضلت وفية ومتل ما علمتها ما تناولت للفن الرخيص وحافظت على فنها الراقي، دارين يا كبيرنا جورج بعدها مضواية والعالم بتسأل ايمتي بينزل ألبوم دارين بالرغم من غيابها عن الساحة بعد غيابك".
كانت هذه الكلمات معبرة عن حالة دارين التي لم تعرف كيف تواصل مسيرتها بعد رحيل أبيها الروحي، فتوقفت بالفعل لأربع سنوات دون أن تصدر أعمالًا جديدة، إلى أن عادت عام 2018 بأغنية "بعدو إلى" من ألحان الفنان زياد برجي.
محاولات العودة .. ولكن!
توقفت مسيرة دارين مجددًا بعد هذه الخطوة، حتى عام 2021 عندما أعلنت أنها ستنتج ألبومًا غنائيًا، إلا أن الرحلة استغرقت سنوات، حتى طرحت منذ أسابيع قليلة مجموعة من الأغنيات عبر قناتها الرسمية على موقع يوتيوب، وقالت في تصريحات مع الإعلامي مجيد حداد بإذاعة "تطاوين" التونسية أنها اضطرت لطرح الأغاني بعد تسريبها لأن الألبوم يضم 11 أغنية وما طُرح حتى الآن ثمانية فقط وستطرح البقية على مدار الأيام القادمة.
ألبوم عودة دارين وكما قالت يضم أغاني لبنانية وأغنيتين مصريتين وأغنية خليجية، وهو من إنتاجها الخاص، ولكن ما طرحته حتى الآن لم يختلف أبدًا عما كانت تغنية منذ سنوات طويلة، وكأنها مازالت تغني في مطلع الألفية، وهو ما ظهر في أغنيات مثل "مش ناطرة" و"ليه الدنيا"، حتى أغنية "تفضل ياحبيبي" بدت مقدمتها الموسيقية نسخة طبق الأصل من لحن أغنية "عينك" لشيرين عبد الوهاب.
نفس القوالب التوزيعية القديمة، والأفكار والموضوعات التي غنتها دارين من قبل، فهل تراهن على حنين الجمهور للماضي، أم أنها مازالت متمسكة بنفس فلسفتها الفنية كسبيل للنجاح حتى لو تغير ذوق الجمهور ومعاييره؟