عندما تحدَّثَت شاهيناز عن الاعتزال والعودة إلى الفن في برنامج الإعلامية منى الشاذلي منذ سنوات قريبة، تذكر المشاهدون هذه الموهبة التي خطفت الأسماع والأنظار في برنامج لاكتشاف المواهب قبل أكثر من عشرين عامًا.
في صيف عام 2002 أطلق التلفزيون المصري بالتعاون مع رجل الإعلان الشهير طارق نور برنامج اكتشاف المواهب "ستار ميكر". وحقق البرنامج نجاحًا مدويًا بموسمه الأول. أطلت حينها شاهيناز في البرنامج بأغنية "طب قولي قولي" المقتبسة من أغنية "To poli poli" للمغنية القبرصية آنا فيسي. ورغم كونها أغنية راقصة، فقد ساعدتها على استعراض إمكانياتها الصوتية الكبيرة.
لن ينسى أبناء هذه الفترة النجاح الكبير للأغنية، مما ساهم في زيادة شعبية شاهيناز قبل فوزها بلقب البرنامج، وهو الأمر الذي حسمته لجنة التحكيم التي ضمت الموسيقار الراحل حسن أبو السعود والشاعر بهاء الدين محمد وانضم إليهما الفنان هاني شاكر والمنتج محسن جابر في الحلقات الأخيرة.
النجومية قبل المشوار أحيانًا
خرجت شاهيناز من البرنامج نجمة قبل أن تبدأ مسيرتها الفنية، وهو ما دفع المنتج محسن جابر صاحب شركة "عالم الفن" إلى إنتاج أول ألبوم غنائي لها في عام 2003 بعنوان "على إيه"، ضم ثماني أغنيات شارك في صناعتها شعراء مثل عنتر هلال، وأحمد مرزوق، وصبري رياض، بينما انبرى زوجها الملحن آدم حسين لتلحين أغلب أغاني الألبوم، الذي صاحبت إطلاقه حملة دعائية قوية.
خطوات أولى مبشرة. لكن الوفاق بين شاهيناز و شركة عالم الفن لم يدم طويلًا في ظل شعورها أن موهبتها تستحق فرصًا أكبر على المستوى المادي والجماهيري؛ فرص يمكن أن تتيحها لها شركة بحجم روتانا.
هكذا، انتهت علاقة شاهيناز بـ"عالم الفن" ودفعت شرطًا جزائيًا ضخمًا، وانتقلت إلى روتانا في صيف 2005 لتقدم ثاني ألبوماتها "أحب أعيشلك". ولم تتوقف روتانا عن دعم شاهيناز فنيًا وإعلاميًّا، فانتجت لها ثالث ألبوماتها وأكثرها نجاحًا بعنوان "جوَّه قلبي".
لغز الاعتزال .. يأس أم اكتئاب؟
مع ذلك، لم تستمر علاقتها بشركة روتانا.
فكما حدث من قبل مع "عالم الفن" رأت شاهيناز، بدعم من زوجها الملحن آدم حسين، أنها تستحق مكانة أكبر داخل الشركة.
لاشك أن واحدة من أهم الملاحظات على مسيرة شاهيناز هي سيطرة زوجها على كل خطواتها الفنية مما، سبب ضيقًا لأهم شركتي إنتاج تعاونت معهما. وبالفعل سعت إلى فسخ تعاقدها مع روتانا وقرر الزوجان أن يؤسسا شركة تتولى إنتاج أعمالها. لكن الرياح لم تأت بما اشتهت السفن.
في عام 2007 توفيت والدة شاهيناز، ما سبب لها صدمة نفسية قوية. وفي العام نفسه أنجبت طفلها الأول، فقررت الإبتعاد عن الوسط الفني وأعلنت الاعتزال وارتدائها الحجاب والتفرغ لأسرتها.
ربط البعض قرار الاعتزال برغبة زوجها في ابتعاده هو وعائلته عن الوسط الموسيقي تمامًا. لكن ربما كانت حالة الاكتئاب التي مرت بها هي السبب الأساسي في اعتزالها المؤقت وارتداء الحجاب كما قالت في تصريحات إعلامية سابقة: "ارتديت الحجاب لأسباب شخصية نابعة من قناعاتي، وعندما أردت العودة للفن فكرت في الغناء بالحجاب".
إلا أن تجربة شاهيناز في إصدار أغاني اجتماعية وتقديم نفسها كمطربة محجبة لم تنجح على الإطلاق، وهو ما ظهر في استقبال الجمهور لألبومها التالي "شكرًا أوي". بعدها، خلعت الحجاب وقررت العودة بصورة جديدة في عام 2017 بأغنية "عسل عسل" الذي أنتجتها لها شركة "مزيكا" من كلمات أيمن سليم ولحن وتوزيع زوجها.
سياط الجمهور القاسية
لم يرحم الجمهور شاهيناز، واعتبر عودتها بهذه الصورة تراجعًا عن "التزامها". ولم تحقق أغنيات شاهيناز نجاحًا جماهيريًا يُذكر. حتى أن مشاهدات كليب "عسل عسل" لم تتجاوز 635 ألف مشاهدة عبر موقع يوتيوب حتى الآن رغم طرحه منذ ثماني سنوات!
تلك العودة المتواضعة، التي لا تليق بصوت يملك كل مقومات النجاح عدا القدرة على إدارة الموهبة، دفعت شاهيناز إلى الاختفاء مجددًا عن الساحة حتى عام 2022 عندما عادت بإطلالات جريئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بدت شاهيناز وكأنها تسعى للتحول من مطربة إلى موديل أو مؤثرة، لتخاطب جيلًا يقيِّم الفنان بمفهوم "التريند". صحيح أن تلك الحالة تخللتها محاولات لتقديم أغانٍ، لكنها لم تكن مؤثرة ولم تحقق أي مشاهدات أو نسب استماع تُذكر.
لعل "التخبط" هي الكلمة الأنسب لوصف مسيرة شاهيناز التي امتلكت منذ بداية ظهورها الفرص التي تتيح لها أن تصبح واحدة من أهم الأصوات على الساحة العربية. لكن يبدو أنها لم تعرف بحق ماذا تريد.